الخميس، مايو 26، 2011

ليبيا : تعلموا السياسة من محمود جبريل




رئيس لجنة الأزمة اللذي عينه  المجلس الانتقالي الليبي (ثورة التغيير) محمود جبريل يقدم وصفة عقلانية باهرة لقيادة بلد يشرع في الخروج من نفق العزلة والهرطقة والاستبداد الطويل عبر بحيرة دم والحرب الاهلية التي فرضتها حماقات الحكم الفردي العائلي المتخلف، وتُقرأ هذه الوصفة.. 

اولا، في اقتصاد جبريل بمنصوص الشعارات والوعود والعنتريات، ونأيه عن كلام الدعاية والادعاء والتباهي والتعلل او التغزل بالماضي الشخصي، أو بملاذ الانا والشخصانية البغيضة. 
وثانيا، في احترامه للتنوع في الاراء والعقائد والانتماء تطبيقا، وتجنب التفضيل بين المقامات والمراجع أو بين خيارات المستقبل المطروحة.
وثالثا، في لغته المهذبة، السامية، وهو يكشف عن عيوب النظام الآيل للرحيل، وفي توصيفه المنزّه عن الكراهية والغل للسياسات التي اهدرت ثروة البلاد وسمعتها، وللمسارات التي عرضت وتعرض ليبيا الى الضياع.
ورابعا، في كيمياء النظر الى انصار القذافي ومقاتليه وموظفي الدولة السابقين والى الشرائح الشعبية التي وجدت نفسها في خندقين متصارعين بعيدا عن منحرَف الانتقام والتسقيط وتصفية الحساب. 
وخامسا، في تفكيك اساسات الصراع على سلطة المستقبل باستبعاد نزعة التقاسم والمحاصصة والامتيازات، استباقا، وترك شكل الحكم ومصيره الى الارادة الحرة لليبيين والتفويض المباشر من الشعب، من دون اصطفاء شريحة او جماعة او زعامة لتكون على منصة الحكم. 
وسادسا، في احترام القانون، مستقلا، لكي يحاسب الجناة ويقرر الحقوق بالمساواة والعدالة من غير تدخل السياسة او اية اعتبارات اخرى.
وسابعا، في منظوره الدقيق والعلمي والاحترافي لصعوبات ومشاق اعادة بناء ما خربته وتخربه الحرب الاهلية وفلول السلطة.
وثامنا، واخيرا،  في روح المسؤولية الوطنية، لترسيم علاقات ليبيا مع جيرانها ومع دول العالم في المستقبل إذ عرض المصالحة مع الجميع من غير تلويح بمعاقبة دولة او مجموعة دول بجريرة التعاون مع النظام السابق، ومن دون تسجيل البلاد عقارا لدولة او مجموعة من الدول. 
تاسعا، في المسافة الصارمة والواقعية التي وضعها، وسلط الضوء عليها، بين القضية الوطنية الليبية والدور العسكري الاطلسي، وكذلك في تأشير المسؤولية عن هذا الانحدار والخراب الناتج عنه.
عاشرا، في تلك الكلمات الوجيزة عن مكانة الاسلام السياسي والجهادي المسلح في عملية التغيير، والخط الفاصل بين الاصولية المتطرفة والتدين.  
كل ذلك وغيره الكثير، جاء في حديث محمود جبريل من على شاشة الجزيرة مساء الاحد (22/5) وقدم فيه تحليلا ميدانيا وطليعيا لمشكلات البلاد ورؤيا تطبيقية للتغلب عليها، الامر الذي يحمل أي مشاهد او مراقب على اليقين بان قضية محمود جبريل منتصرة لا محالة، وان ليبيا ستعبر، بفضل هذه الرؤيا وحسن التدبّر بحيرة العراق وتجربته المريرة.
وكلام مفيد
“اكثر الطرق كارثية في التنبؤ بالمستقبل هي اختراع المستقبل”.
عبدالمنعم الاعسم 
صحيفة الرافدين العراقية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق