السبت، مايو 28، 2011

ليبيا : القذافي بحث عن الوحدة مع اي مكان ونسى الوحدة مع شعبة


ظل القذافي لأكثر من أربعين عاما يرفع شعارات الوحدة مع أي كان، لم يتوقف في يوم من الأيام عن عرض المشاريع الوحدوية الطريفة مع العرب والأفارقة ودول المغرب ودول الساحل حتى وصل إلى مشروع (الولايات المتحدة الأفريقية)، وقد نسي في غمرة الحماس الوحدة مع شعبه، واليوم ليبيا على وشك التقسيم إلى شطرين شرقي وغربي فهي عاجزة ـــ حتى هذه اللحظة ــ عن الحفاظ على وحدتها، في نهاية الأمر لم يعش الناس حياة طبيعية، ولم يتحقق الشعار، ولم يسلم الناس من القتل. 
والشعار في العالم العربي ليس بالمسألة الهينة بل يتم إنفاق ملايين الدولارات من أجل ترسيخه في أذهان الجماهير المسحوقة، تنشأ المؤسسات الثقافية التي تحول الجملة القصيرة التي يتكون منها الشعار إلى كتب ومسرحيات وقصائد عصماء، تدور المناهج المدرسية حول نفسها كي يخترق الشعار عقول الصغار، يكتب الصحافيون المقالات المطولة كي يحللوا مضمون الشعار الذي يكفل بقاء السلطة، تشيد المعتقلات المخيفة لحبس (الخونة) الذين لا يصدقون الشعار، في نهاية الأمر لم يعش الناس حياة طبيعية، ولم يتحقق الشعار، ولم يسلم الناس من القتل. 
كل الشعارات تركز على مفهوم الكرامة كي تسلب كرامة الإنسان، كل الشعارات تركز على مفردة الحرية كي تصادر الحرية، كل الشعارات تركز على تفخيم مفردة الشعب كي تسرق الشعب، تسير مدرعات الجيش في العروض العسكرية تحت قوس كبير يجسد مضمون الشعار التاريخي، وحين يقول مواطن مقهور إن كلفة القوس تكفي لإطعام حي كامل تلتف المدرعات لتبيد سكان الحي عن بكرة أبيهم! 
واليوم يموت الناس في الشوارع لأنهم تمردوا على الشعار الذي سلبهم زهرة شبابهم، وتعيش إسرائيل حياة هانئة لأن الأنظمة العربية تقتل شعوبها حفاظا على الشعارات الزائفة، وكل هذه المأساة الملهاة لن تنتهي بسقوط الأنظمة وشعارتها، لأن الناس سوف يبحثون عن شعارات جديدة تسحقهم، في الثقافة العربية المهم هو الشعار وليس الإنسان!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق