بدأ الزعيم الليبي، معمر القذافي يخسر أصدقاءه في إفريقيا وهي القارة التي اشترى له فيها سخاؤه لقب «ملك الملوك» ولكنها بدأت الآن تتحول لحلفاء أجانب آخرين للمساعدة في رسم مستقبلها.
وتعد تحركات دول من بينها السنغال وموريتانيا وليبيريا وتشاد وجامبيا كي تنأى بنفسها عن القذافي رهاناً إلى حد ما على أن المعارضين الذين يدعمهم حلف شمال الأطلسي سينجحون في نهاية الأمر في إنهاء حكمه السلطوي والخيالي الذي استمر أربعة عقود. ولكنها تظهر أيضاً انحسار دور القذافي في منطقة يتفوق فيها إقبال المستثمرين الأجانب والعلاقات التجارية مع آسيا وتلهف داخلي على الديمقراطية على جاذبية الأموال الليبية. وتؤيد معظم دول الاتحاد الإفريقي التي تزيد عن 50 دولة انتهاج الاتحاد سياسة محايدة تدعو لوقف لإطلاق النار و»خريطة طريق» للخروج من الحرب الأهلية التي فجرتها أعمال شغب وقعت في فبراير/ شباط بسبب حقوق الإنسان. ولكن الجهود الرامية إلى الحفاظ على خط إفريقي واحد تبددت بسبب مجموعة من الدول التي إما دعت القذافي إلى الرحيل أو ربطت مصيرها صراحة بالمعارضين بتشجيع من فرنسا والولايات المتحدة العضوين في حلف شمال الأطلسي. وأصبح الرئيس السنغالي، عبدالله واد أول رئيس من الدول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء يزور مدينة بنغازي معقل المعارضين للاعتراف بالمجلس الوطني الآنتقالي واستقبل أيضاً زعماء المجلس في العاصمة السنغالية دكار. وبنفس القدر من الأهمية صدر بيان الأسبوع الماضي نسب إلى الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز والذي كان جزءاً في السابق من لجنة وساطة الاتحاد الإفريقي بشأن ليبيا قال فيه إن رحيل القذافي أصبح ضرورة.
وأوضحت الآن تشاد التي واجهت اتهامات من المجلس الوطني الآنتقالي الليبي بأن جنودها يقاتلون إلى جانب قوات القذافي أنها لا تدعم القذافي وذلك حسبما أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون بعد محادثات مع وزير الخارجية التشادي الأسبوع الماضي.
وقطعت رئيسة ليبيريا، إيلين جونسون سيرليف العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا يوم الثلثاء معلنة أن القذافي فقد شرعيته في حين حذت حذوها جامبيا الواقعة في غرب إفريقيا والتي تشتهر بأنها مقصد للسائحين الذين يزورون شواطئها وأحراشها. وبالنسبة لمعظمهم فإن الأثر الاقتصادي للتخلي عن القذافي سيكون محدوداً بشكل مفاجئ. فعلى الرغم من الوعد المبالغ فيه بتنفيذ ما يعرف باسم محفظة ليبيا-إفريقيا للاستثمار لتحويل مليارات الدولارات إلى»الموارد الطبيعية والتكنولوجيا والسياحة والعقارات والخدمات والشئون المالية» على مدى خمس سنوات يقول مراسلو «رويترز» في شتى أنحاء إفريقيا إن كثيراً من تلك المشروعات لم تنفذ تقريباً. وهذا هو الحال بالنسبة لمشروع ليبي تبلغ كلفته 300 مليون دولار لتشجيع الإنتاج المحلي من الأرز في ليبيريا وتجديد فندق دوكور في منروفيا وهو أحد بضعة فنادق خمسة نجوم في إفريقيا ولكنه سقط ضحية الحرب الأهلية في التسعينات هناك. ودفع تجميد الأمم المتحدة للتحويلات المالية الليبية النيجر المجاورة الأسبوع الماضي إلى إلغاء عقد للاتصالات قيمته 30 مليون دولار مع الشبكة الخضراء الليبية مشيرة إلى عدم احترام بنود الصفقة. وقال مارك شرويدر المحلل في مؤسسة ستراتفور عن المنح النقدية السخية التي استخدمها القذافي لتملق النخبة السياسية المحلية «إنه لا يستطيع استخدام حساباته الخارجية ومن ثم فإنه لا يستطيع تحويل أموال لشبكة أصدقائه القدامى في الساحل». والزعماء الأفارقة الذين يتعين على القذافي التعامل معهم الآن أذكياء ومدركين لدورهم المحوري في الهرولة العالمية على الموارد الطبيعية بشكل أكبر مما كانوا عليه قبل بضع سنوات. وتعد إفريقيا التي خرجت سليمة إلى حد كبير من الأزمة المالية العام 2009 جذابة بشكل كاف للمستثمرين إلى حد أن صندوق الاستثمار الإفريقي الخاص (هيليوس) شهد في الأسبوع الماضي أعلى مستوى له من ضخ المال مسجلاً 900 مليون دولار.
وتبرم الصين وهي أكبر شريك تجاري لإفريقيا الآن اتفاقيات في مجال البنية الأساسية والموارد في شتى أنحاء القارة مثل الاتفاق الذي أبرمته في مارس/ آذار لبناء سكك حديدية تمتد لأكثر من 1300 كيلومتر في تشاد ومحادثات التي تجريها بشأن إبرام اتفاقية لمصايد الأسماك مع موريتانيا. ولا يحظى القذافي بسطوة تذكر لدى العمالقة الجدد بإفريقيا مثل جنوب إفريقيا أو نيجيريا أو مصر، كما أن محأولاته في الماضي لاكتساب نفوذ أثار غضب البعض ولاسيما سيراليون وليبيريا حيث قام بتمويل المتمردين الذين أغرقوا البلدين في حرب أهلية. وعلى الرغم من أن الأفارقة يحيون دوره في مساعدة حركات مثل المجلس الوطني الإفريقي في جنوب إفريقيا خلال سياسة التفرقة العنصرية فإنه ينظر إليه على أنه غير متوافق مع الجهود القائمة منذ فترة طويلة جنوب الصحراء لتعزيز السياسات التعددية وذلك قبل سنوات من «الربيع العربي».
وقال المحلل السياسي السنغالي المستقل، باباكار جوستين ندياي «لقد فعل أموراً طيبة في الماضي ولكنه ليس ديمقراطياً ... لا يوجد مثقف إفريقي واحد يستطيع أن يقول الآن إن ما يفعله أمراً جيداً». والقلق الإفريقي الواسع الانتشار من قنابل حلف شمال الأطلسي التي تسقط على القارة وذلك بعد أسابيع فقط من انتهاء الصراع في ساحل العاج من خلال التدخل العسكري الفرنسي يعني أن زعماء كثيرين سيحجمون عن توجيه نداءات علنية للقذافي كي يتنحى.
وانتقد رئيس جنوب إفريقيا، جاكوب زوما حلف شمال الأطلسي لسعيه لتغيير النظام. وقال باتريك سميث من نشرة «إفريقيا كونفدينشال» إنه تعين أيضاً على الدول القريبة مثل النيجر وتشاد وموريتانيا أن توزان سياستها تجاه القذافي مدركة أن الصراع أثار بالفعل مخأوف بشأن الأسلحة الصغيرة والمرتزقة والمهاجرين العاطلين الذين يتدفقون إلى منطقة هشة. وقال محذراً «مازال بإمكان القذافي خلق فوضى في المنطقة»
-
-
http://www.e-mailaat.com/news.php?action=show&id=4667
ردحذفصحيفه سعوديه تتكلم عن ثوره ليبيا الحره