التحقت الصين بركب القوى التي اعترفت بشرعية المجلس الوطني الانتقالي الليبي المعارض لنظام القذافي، من خلال اعتباره شريكا مهما في الحوار، بعد أن ظل موقفها يراوح مكانه تحت مظلة البحث عن مخرج سلمي للأزمة الليبية،
وهو ما دفعها إلى الامتناع عن التصويت في مجلس الأمن في مارس (آذار) الماضي، بشأن فرض حظر جوي دولي على ليبيا.وفيما كان وزير الخارجية الليبي عبد العاطي العبيدي في زيارة رسمية لبيجين في 7 يونيو (حزيران) الحالي، كان وفد صيني قد غادر مدينة بنغازي، مقر المعارضة، بعد أن التقى مسؤولين من المجلس الوطني الانتقالي، وقد أعلن حينها أن الوفد تفقد الوضع الإنساني في البلاد، ووضع الشركات الصينية العاملة على الأراضي الليبية، وأعلنت الصين حينها أن «بابها مفتوح» أمام قيادات المجلس الانتقالي، قائلة إنها «ترحب بعودة العلاقات بين البلدين». ولم يفوت المجلس الانتقالي «فرصة» العرض الصيني، وأوفد محمود جبريل، رئيس الهيئة التنفيذية، مسؤول الشؤون الخارجية في المجلس إلى العاصمة الصينية أول من أمس، في أول زيارة من نوعها يقوم بها ممثل عن المعارضة الليبية للصين منذ بدء الأزمة.
لكن أول اتصال مؤكد بين الصين والمعارضة الليبية كان في الثاني من يونيو (حزيران) الحالي، عندما التقى السفير الصيني لدى قطر، تشانغ تشي ليانغ، رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل في الدوحة، كما التقى لي ليان خه الدبلوماسي الصيني في السفارة الصينية لدى مصر، رئيس المجلس الانتقالي في بنغازي، وتفقد الوضع الإنساني ووضع الشركات الصينية الموجودة هناك.
ويقول مراقبون إن الموقف الصيني الملتبس كان عاملا مساعدا في بقاء القذافي في السلطة حتى الآن، ولا يزال من غير المعروف تأثير الانفتاح الصيني على المعارضة الليبية. وتعتزم بيجين توثيق العلاقات مع المجلس الانتقالي الليبي. وصرح هونج لي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية، أن الصين بصفتها عضوا دائما في مجلس الأمن تتمسك بفكرة صيانة السلام والاستقرار، وأنه لا يمكن أن يبقى الوضع في ليبيا على ما هو عليه، وقال: «يجب إيجاد سبل لحل هذه الأزمة بأسرع وقت، وسيتبادل الطرفان الآراء حول الوضع الراهن».
وبينما تتواصل عمليات حلف شمال الأطلسي (ناتو) العسكرية في ليبيا، لا يزال الخطاب الصيني يعتمد النهج الدبلوماسي للتعامل مع الأزمة. وقال المتحدث الرسمي بوزارة الخارجية الصينية في مؤتمر صحافي عقب وصول جبريل إلى بيجين: «إن الصين تبحث عن حل سلمي للأزمة في ليبيا»، كما ترى أنه من الضروري ترك الشعب الليبي يقرر مستقبل بلاده، وأن دورها يقتصر على دعم خيار الليبيين بإرادتهم المستقلة.
ويرى تشو فنغ، أستاذ بكلية العلاقات الدولية في جامعة بكين، أن الوضع في ليبيا لا يزال في طريق مسدود، وأن الصين تشارك في إيجاد حل للأزمة الليبية الراهنة من خلال وسائل دبلوماسية حيوية ومرنة، مضيفا أن الجانب الصيني يشعر بالقلق الشديد إزاء الأضرار التي لحقت بالمؤسسات والمشاريع الصينية ومصالحها التجارية.
ويعتقد تشو فنغ أن الوضع الحالي في ليبيا لا يزال غير واضح، واتصال الجانب الصيني بالمعارضة الليبية جاء في محاولة فهم المزيد عن الوضع الراهن، فالصين تأمل في أن تكون هناك حكومة منتخبة بطريقة ديمقراطية.
-
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق