لاتزال الدول التي تدعم حملة حلف «ناتو» في ليبيا و الثوار الليبيون أنفسهم في مرحلة البداية فحسب، بالنسبة لخطة الخطوة التالية، حتى في الوقت الذي تتزايد الثقة بشأن رحيل الرئيس الليبي معمر القذافي.
-
الذين شاركوا في حملة القصف التي شنها «ناتو» في ليبيا يزدادون ثقة بأن القذافي سوف يرحل، بطريقة أو بأخرى. وماذا بعد ذلك؟
يجري حالياً التخطيط لمرحلة ما بعد القذافي في ليبيا، ولكن ذلك يحدث بالكاد. ووفقاً لتصريحات وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، فإن الثوار الليبيين، الممثلين في المجلس الوطني الانتقالي، ليس لديهم سوى مخطط «جنيني» حول كيفية توحيد ليبيا. في غضون ذلك، التقى تحالف الدول الداعمة لمهمة حلف «ناتو»، أخيراً، في جلسة للتخطيط. ولكن النتيجة كانت مزيداً من التعهدات بالمساعدات الإنسانية للثوار، دون التوصل إلى أي اتفاق واسع بشأن ما يتعين القيام به من أجل ليبيا جديدة، أو كيفية تقسيم أعباء إعادة الثروة. الأمر الأكثر أهمية في أذهان الجميع، بالنسبة للديمقراطيين الآخذين في الظهور في ليبيا والقوى الوطنية التي تحاول مساعدتهم، ينبغي أن يكون تجنب ذلك النوع من الفوضى الذي أعقب الإطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين في العراق في عام 2003.
ولحسن الحظ، فإن ليبيا لا تقسمها الخلافات العرقية الطائفية الصارخة التي تعصف بالعراق. ولا تحاصرها دول معادية تسعى إلى تقويض عملية التغيير.
يعد الشعب الليبي من بين الشعوب الأكثر تعليماً في إفريقيا، وتحظى ليبيا بقدر من الثراء النسبي بفضل ثرواتها النفطية. بعد رفع العقوبات الدولية، سوف تتمكن ليبيا من الحصول على أكثر من 100 مليار دولار من الأصول المجمدة في الخارج. ينبغي عليها أن تكون قادرة على تمويل الكثير من مقدراتها المستقبلية.
لكنها سوف تواجه تحديات كبيرة، تتمثل في القبلية و المتشددين والافتقار إلى الخبرة فيما يتعلق بالحكومة النيابية، والانتقال من اقتصاد النفط إلى اقتصاد حديث. يساور الكثير القلق بشأن انهيار الأمن والفراغ في السلطة عندما يرحل الرئيس القذافي في نهاية المطاف.
فمن سيتقدم إذا كانت هناك حاجة لوجود قوات دولية لحفظ السلام، أو حتى صانعي السلام؟ إن قرار الأمم المتحدة الذي أيّد فرض «منطقة الحظر الجوي» فوق ليبيا يحظر على وجه التحديد وجود «قوة احتلال أجنبي بأي شكل من الأشكال» في أي جزء من ليبيا. وحتى لو كانت هناك حاجة لقوات حفظ السلام، فإن انتشارها يمكن أن يستغرق ثلاثة أشهر بعد صدور قرار مجلس الأمن بانتشار القوات.
سوف يتعين على الحكومات الوطنية أن تدرس مسألة إرسال قوات أمن خلال الفترة الانتقالية، إلا أن حلفاء «ناتو» مترددون، في ظل صعوبة الحفاظ على موقف موحّد إزاء الحملة الجوية. فقد أعلنت النرويج، أخيراً، أنها ستنسحب من المهمة الجوية بحلول الأول من أغسطس المقبل. وانتقد وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، أخيرا، العديد من أعضاء حلف «ناتو» لعدم المشاركة في هذا الجهد في ليبيا بما فيه الكفاية. سوف تكون الحاجة الأكثر إلحاحا هي تشكيل حكومة مؤقتة يمكنها استعادة الخدمات الأساسية، والمضي بليبيا نحو سيادة القانون، وتمهيد الطريق للانتخابات و «بناء الديمقراطية». الأمر المشجع هو أن الثوار يقولون إنهم ليسوا مهتمين بمسألة الانتقام وتطهير البلاد على نطاق واسع من الموالين لنظام القذافي. حدث ذلك الخطأ في العراق، وأدى إلى إزاحة طبقة كاملة من التكنوقراط المهرة. الافتراض السائد في معقل الثوار في بنغازي هو أن حكومة وحدة وطنية مؤقتة سوف يتم تشكيلها بحيث تتمتع بالدعم الكافي دون أن يكون هناك فراغ أمني.-
المصدر:
- صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأميركية
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق