ليبيا : القذافي...من جنون العظمة إلى عظمة الجنون !!!

العقيد الليبي معمر القذافي الذي يسمي نفسه ملك ملوك إفريقيا، وعميد الحكام العرب لأنه أطولهم مكوثا على سدة الحكم، من المعروف أنه يتعالى على كثير من زعماء العالم إلى درجة الاحتقار، لا لشيء يميزه عن سواه، ولكن لأنه يمتلك مليارات لا حصر لها موزعة في مختلف دول العالم، ويتركز معظمها في دول العالم الغربي وأميركا لدعم اقتصادياتها، عوضا عن دعم اقتصاديات الدول العربية والإفريقية الفقيرة والمحتاجة، لأن العقيد لا يثق بها أو يحترمها من الأساس.

عندما اندلعت الثورة الشعبية الليبية، لم يستمع الزعيم العظيم لنصائح الحكماء من الزعماء العرب والأفارقة وزعماء العالم، ووصف شعبه بالجرذان ونعتهم بأبشع النعوت، وأخذ يهدد بالقضاء عليهم فردا فردا، وسيلاحقهم أينما كانوا، وسيدخل بيوتهم بيتا بيتا، وزنقة زنقة، وبدأ تقتيلا في شعبه الأعزل إلا من الإيمان، متهما الشباب الثائرين بأنهم من تنظيم القاعدة، وأنه لولاه لاستولت القاعدة على الشمال الإفريقي، ولوصلت إلى أوروبا وإسرائيل التي اعتبر نفسه مدافعا عنها، طالبا دعمها العسكري وخبرتها في حرب العصابات، ومنسقا أمنيا مخلصا معها، كما لاستمرت طوابير الشباب المهاجرين إلى دول أوروبا بالتدفق عليها مسببين لها أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة. 

جنون العظمة المصاب به عميد الحكام العرب، أعمى بصره وبصيرته، الأمر الذي سمح لأميركا وحلف الأطلسي بالتدخل عسكريا في الشأن الليبي ولو على استحياء، في حرب سيدفع الشعب الليبي من قوته ثمنها كما دفع الزعيم الليبي من دم أبنائه وأحفاده وملياراته ثمنا باهظا أيضا، كان بإمكانه أن يحافظ عليها لو استمع لصوت العقل.

وبعد أن شعر القذافي بأن الكفة لا تميل لصالحه، وأن الثوار الليبيين استولوا على الشرق الليبي وبعض المدن في الغرب، استعدادا للزحف على العاصمة طرابلس، أخذ يرسل مبعوثيه إلى مختلف دول العالم بما فيها إسرائيل، - على الرغم من أن فرنسا تلعب الدور الرئيس في المفاوضات-، طالبا منهم المساعدة في إقناع الثوار بأن يسمحوا له بالبقاء في ليبيا مقابل تنازله عن الحكم، وأن يكون لولده سيف الإسلام دور في الحكومة التي يشكلونها، ولكن لم يستجب أحد لهذا الطلب حتى الآن.

الأمر المحزن أن عميد الحكام العرب، لم يحترم عمادته وزعامته، فانتقل من موقف القوي إلى موقف الضعيف، حيث امتهنت كرامته، وضاعت هيبته وعباءته، ولن ينصب بعد الآن في أي دولة خيمته، كما لن يحمل معه مجددا ناقته التي هي في مقام مرضعته. 

لم يكن الزعيم الليبي هو الوحيد الذي أدار لشعبه ظهر المجن فأطيح به عن العرش، وقريبا لن يأتي على ذكره أحد إلا كلما ذكر الحكام المستبدون الخاسرون الذين أطاحت بهم شعوبهم، وكم كان من الأجدى أن ينتمي العقيد لشعبه ووطنه، وأن لا يتركه نهبا للطامعين، وإن كانوا يلبسون ثياب الرحمة والرأفة بالشعوب، التي لا تعنيهم بشيء سوى بمقدار ما تملأ  به جيوبهم.

مداراة حلف الأطلسي للقذافي لن تستمر طويلا، فلم يعد بمقدور القذافي شراء الوقت، وسيجد عما قريب أن حلف الأطلسي بدأ ينفد صبره، وعندها سيكون العقيد كمن يلقي بنفسه إلى التهلكة، وهذا بحد ذاته جنون لا يعادله جنون.

محمود ابراهيم ع"المكشوف" القذافي...من جنون العظمة إلى عظمة الجنون !!!

-

-