وصلت جولة دعائية ليلية في مواقع قصفها حلف شمال الأطلسي حول العاصمة الليبية، وهي عنصر رئيسي في تحركات روتينية يقوم بها الصحافيون في الأجزاء الليبية التي يسيطر عليها العقيد معمر القذافي،
صباح الاثنين الماضي إلى ساحة بها أسرة تضم العديد من الأطفال الصغار الخائفين، والذين كانوا يتناولون الطعام في وقت سابق، ويفترض أنهم فروا من أحد صواريخ حلف شمال الأطلسي.
ولكن هل يحمل صاروخ تابع لحلف شمال الأطلسي على جانبه حروفا مكتوبة بالأبجدية السيريلية؟
نتيجة لهذا الاكتشاف الذي تم التوصل إليه من حطام الصاروخ، توقف الشخص الذي يقود مجموعة من 50 صحافيا عن انتقاده حلف شمال الأطلسي، ولكن كان هذا التوقف مجرد فترة يحاول خلالها أن يقوم بإعادة صياغة نقده العنيف، وقال: نعم كان هذا الصاروخ روسي الصنع، وهو جزء من ترسانة ليبيا، ولكنه وصل إلى الفناء الخلفي عن طريق ما سماه مراسلون أجانب على دراية بالألعاب التي تعمل باستخدام النقود المعدنية بأنه أسلوب «بنك النار» أو «لعبة الكرة والدبابيس».
وفي إطار هذا التسلسل، تقوم قنبلة أو صاروخ تابع لحلف شمال الأطلسي بضرب الترسانة الليبية في مكان ما في الظلام، مما يشعل الصاروخ الروسي ويرسله في جنح الليل. ويكون التأثير واحدا، حسب قول الشخص الذي يقود الصحافيين، بغض النظر عن مصدر الصاروخ. وكان حلف شمال الأطلسي قد قتل مدنيين ليبيين أبرياء. وقال الرجل: «إنه عدوان ومنكر».
لقد ساءت سمعة الحكومة الليبية نتيجة لميلها للبيانات غير الموثوق بها والقصص الإخبارية المفبركة، ولكن بعد مرور أربعة أشهر من الصراع الليبي، أصبحت تظهر الآن وأكثر من أي وقت مضى علامات تدل على اليأس والفوضى، وسقطت ورقة التوت التي كانت تواري سوءة الموالين لنظام القذافي.
ومع هروب القذافي في العاصمة الليبية؛ ومكاسب الثوار الليبيين في الآونة الأخيرة في الجبال الغربية، ووجودهم على بعد 50 ميلا من العاصمة؛ ومع وجود نقص في الطعام بصورة متزايدة؛ ومع وجود جماعات سرية في المناطق الحضرية في طرابلس قادرة على تصعيد الاحتجاجات الجماهيرية في الأحياء التي لا تستطيع الحكومة قمعها إلا من خلال إطلاق النار وقتل المتظاهرين، بسبب هذا كله يبدو أن الحكومة تعتمد الآن وبشكل حصري تقريبا على الآلة الدعائية.
ولعدم وجود أي وسيلة لوقف الغارات الجوية، يبدو كما لو كانت الطاقة الخفية للاستخبارات الحكومية والأجهزة الأمنية قد تحولت لإقناع الرأي العام العالمي–على الأقل الرأي العام في دول حلف شمال الأطلسي التي تقوم بشن معظم الضربات الجوية، وفي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا–بأن المدنيين هم الضحايا الرئيسيون للهجمات، وأنهم غالبا ما يكونون هم الأهداف المقصودة.
ولكن حتى الآن، لم يفلح هذا الجهد كثيرا. وبدلا من ذلك، فإن المثال الذي شاهده الصحافيون في الحافلة الموجهة بصورة رسمية، والتي غالبا ما تكون في منتصف الليل، هو مثال على الضربات التي كانت دقيقة بشكل غريب، وكانت الأهداف في الأساس معسكرات أو «وحدات» للقيادة والتحكم، مثل مجمع باب العزيزية.
وكانت الأضرار المدنية، إذا كان هناك أي أضرار مدنية، تقع نتيجة تأثير الانفجار على المباني المجاورة، وحتى الأماكن التي تضررت فيها المباني المدنية بدا أنها كانت خالية من السكان وأنها مرتبطة بطريقة أو بأخرى، ربما عن طريق مخابئ تحت الأرض، بأهداف عسكرية.
وكان من النادر مشاهدة ضحايا مدنيين. ولكن بعد مرور 11 أسبوعا على بدء الغارات الجوية، تداعت مصداقية المرافقين الموالين لنظام القذافي.
وكشفت الزيارات لمواقع القصف والمستشفيات والجنازات عن سلسلة من محاولات التضليل، بما في ذلك مرضى قيل إنهم ضحايا للقصف وتبين بعد ذلك أنهم ليسوا كذلك وتوابيت فارغة في الجنازات وعمليات الدفن تبين أن بعضا ممن يتم دفنهم ليسوا ضحايا للغارات الجوية على الإطلاق، ومحاولات أكثر لذكر روايات محددة ولكنها معيبة بشكل واضح، كما تظهر رحلة ليلة الأحد الماضي إلى حطام الصاروخ السوفياتي.
ويوم الأحد الماضي، يبدو أن المغامرة قد قتلت نفسها. في الصباح، تم اصطحاب الصحافيين إلى كنيسة قبطية في منطقة تاجوراء الشرقية، حيث تهشمت نافذة بسبب انفجار قنابل أو صواريخ أصابت مخيما عسكريا مجاورا، وهي الحقيقة التي تم تأكيدها للصحافيين من خلال طفلة بريئة تبلغ من العمر 9 سنوات وهي ابنة الأب تيموثاوس.
وفي المساء، تم اقتياد الصحافيين إلى مزرعة يوجد بها كلب ميت ودجاجتين نافقتين، ثم إلى أحد المستشفيات التي يوجد بها فتاة مصابة بجروح طفيفة تبلغ من العمر 7 أشهر، وشخص فاقد الوعي ينام على سرير وتم تصويره على أنه ضحية للهجوم نفسه. وأخبر أحد المارة الليبيين صحافيا باللغة الإنجليزية بأن الفتاة كانت، في الواقع، هي ضحية لحادث سيارة.
وحتى الرجل الذي ادعى أن الفتاة أصيبت في القصف وقدم نفسه باسم عماد أبو الغيط، وأنه عم الفتاة، ظهر في وقت لاحق في تفجير وقع في منتصف الليل على بعد 15 ميلا من المدينة، وعرف نفسه على أنه جار للعائلة التي تضررت ممتلكاتها نتيجة لسقوط الصاروخ السوفياتي. وعندما تمت مواجهته بهذه الحقيقة، قدم مجموعة من الهويات البديلة، لكنه اعترف في نهاية المطاف بأنه كان مساعدا للمرافقين الحكوميين.
ويوم الاثنين الماضي، قدم نائب وزير الخارجية الليبي، خالد الكعيم اعتذارا، وقال إن بعض الليبيين الذين أثارت حفيظتهم الضربات الجوية قد «أفرطوا في حماسهم» في تقديم رواياتهم للصحافيين. وقال الكعيم: «هذه ليست سياسة الحكومة. ربما كانوا يبحثون عن شيء ما، وارتكبوا خطأ».
ولكن قد يكون الموقف الأكثر ملاءمة لذلك هو التحذير الذي قدمه أحد المرافقين الحكوميين والذي حاول منع طواقم التلفزيونات الغربية من الدخول إلى باحة الكنيسة القبطية وتصوير حطام المبنى المنهار في قطعة الأرض المتاخمة، والتي قالت الطفلة إنها منشأة عسكرية. واحتج صحافي بريطاني قائلا «هذا أمر مثير للسخرية!». ورد المرافق الحكومي مكتئبا: «نعم، إنه أمر مثير للسخرية بدرجة كبيرة».
خدمة «نيويورك تايمز»
طرابلس: جون برنز*
-
اعجب على الناس ينضرون الي الفضائح وينسون الثوار
ردحذف