السبت، يونيو 11، 2011

ليبيا : لن تكون عراق ثانية

-دخلت الحملة في ليبيا مرحلة جديدة، فيما يتزايد الضغط على معمر القذافي. وزادت سرعة القصف الجوي الغربي، بينما تتقدم المعارضة على الأرض.
والعقيد القذافي يبقى متحدياً، وهذا أمر متوقع، ومتعهداً بأن الموت وحده هو الذي سيبعده عن السلطة. لكن المحيطين به ليسوا جميعا مع هذا التوجه، إذ يبتعد كبار المسؤولين عن النظام بمعدل متزايد. وهناك حالة من الهروب نجاة بالنفس تسود طرابلس.

من المحزن أن من المبكر اعتبار النظام منتهياً. لكن الانشقاقات في أعلى السلطة يجب أن تركز أذهان الليبيين والغربيين على كيفية إدارة الفترة الانتقالية إذا سقط العقيد القذافي.

ويعتمد معظم الأمر على الليبيين أنفسهم. فكما حرروا أنفسهم من قيود معمر القذافي، عليهم أن يبنوا السلام بعد رحيله. وفي حين أن المجتمع الدولي سيشرف، تحت مراقبة الأمم المتحدة، على الترتيبات السياسية الانتقالية، إلا أنه لا توجد خطط لتوفير الأمن من خلال قوة استقرار دولية.

وليس بالضرورة أن يكون ذلك كارثة طالما استمر الانضباط القوي لدى كل الأطراف. ولا بد من تجنب بعض الشرور. وبينما يتعين على كبار مسؤولي نظام القذافي مواجهة العدالة، لا يفترض أن تتم عملية تطهير لكل الموظفين في هذا النظام. فمن شأن ذلك أن يثير نوعا من الفوضى كالتي حلّت بالعراق بعد الغزو بقيادة الولايات المتحدة عام 2003. ويجب ألا يكون هناك صراع على السلطة من جانب الأجنحة المختلفة.

هناك إشارات إلى أن المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي يرغب في لعب دور إيجابي. فقد نفى أي رغبة في القيام بتطهير جماعي ووعد بأنه لن يكون هناك انتقام. وسجل عمله خلال الصراع يعطي الثقة بأنه سيحترم هذه التعهدات.

وإيجاد حل ليبي للمسألة الليبية سيكون مفضلاً في كثير من الجوانب. فهو يقلص الترتيبات السياسية والاجتماعية المفروضة على الليبيين من جانب جهات أجنبية. والتوصل إلى تسوية تنسجم مع طبيعة المجتمع ستكون على الأرجح أكثر قابلية لاكتساب الشرعية والاحترام.

لكن حتى ينجح ذلك، لا بد من أن تتحقق شروط معينة. أولها ضرورة توافر الأمن خلال المرحلة الانتقالية. ويفترض ألا يكون هذا الأمر مستحيلاً. فقد حافظت المعارضة على السلام في المدن التي سيطرت عليها خلال النزاع. والشرط الثاني هو ضرورة تقديم الخدمات الأساسية. والثالث هو ضرورة الإفراج عن الأموال لمنح الفترة الانتقالية فرصة للنجاح والحؤول دون أي انزلاق نحو الفوضى. وليبيا لا تنقصها السيولة، فلديها ما يقارب 100 مليار دولار من الأصول في الخارج، يمكن أن تكون متوافرة لتمويل الفترة الانتقالية وإعادة الإعمار الذي تحتاج إليه البلاد.

والأولوية التالية هي جعل الأمم المتحدة ترفع العقوبات، كي يتسنى الإفراج عن الأموال وبدء عملية إنفاقها – تحت إشراف الأمم المتحدة – خلال الفترة الانتقالية.

ربما لا يكون الغرب راغباً في التدخل البري، لكن ذلك لا يعني أن عليه أن ينفض يديه من تفاصيل العملية السياسية التي لا بد أن تتم.

وعلى مجموعة الاتصال الليبية بقيادة الغرب أن تحدد بشكل دقيق ما ينبغي للمجلس الوطني الانتقالي فعله إذا سقط الدكتاتور. وعلى الغرب كذلك أن يكون مستعداً لتقديم المساعدة العملية، مثل لوجستيات تقديم الخدمات الأساسية، والاستشارات حول السياسات، والخبرة التنظيمية للمساعدة على إنشاء المؤسسات الممثلة للشعب.

لقد كانت فكرة القذافي القائلة إن ليبيا مجتمع قبلي بدائي خرافة على الدوام. إنها أحد المجتمعات الأغنى والأفضل تعليماً في إفريقيا.

وهذه الحقائق تعطي مبرراً للأمل في أن ليبيا ما بعد القذافي لن تنزلق إلى الفوضى التي شهدها العراق بعد صدام حسين. لكن على الغرب ألا يعتمد على هذا الأمر وحده لإنجاح المرحلة الانتقالية. عليه أن يظل منخرطاً، وأن يخطط لكل الأمور الطارئة.
-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق