الاثنين، يونيو 06، 2011

حقائق من قلب الشارع العربي ؟!

الانتفاضات الشعبية المستعرة في الشارع العربي منذ بداية العام الحالي والتي اسفرت عن سقوط النظامين التونسي والمصري وتنبئ بسقوط ديكتاتوريات جديدة على الطريق، اخذت تفرز لنا حقائق جديدة كانت وبكل اسف غائبة عن بال وذهن النخب السياسية،
وربما يكون من بين اهم هذه الحقائق هي المتعلقة بالاستثمار الرخيص والسيئ من قبل هذه الديكتاتوريات للقضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني الذي كان وعلى مدى عقود طويلة شعارات لهذه الانظمة من اجل بقائها اولا والتسلط على شعوبها ثانيا وانتاج شرعية لها ثالثا، فاليوم نرى شعوب هذه الجمهوريات يخرجون الى الشوارع عراة الصدور ٌيقتلون بدم بارد يطالبون بالحرية والحرية فقط، ففلسطين وتحريرها واسرائيل والعداء لها ليست على اجندة هذه الانتفاضات، فالدعاية السياسية الممنهجة وعمليات غسل الدماغ التي دامت عقودا طويلة والتى كانت عمليا تبرر كل اشكال القمع والكبت وشراء الاسلحة وادوات القتل وغياب الديمقراطية بحجة ان الاولوية لتحرير فلسطين ومواجهة العدو الصهيوني و « ان لا صوت يعلو على صوت المعركة «... كلها سقطت في لحظات، لحظات الحقيقة وسقوط جدار الصمت وحاجز الخوف، خرجت هذه الشعوب في لحظة حقيقة مع نفسها لا ترى الا حريتها والتي هي النقيض المباشر والمتصادم مع انظمة سياسية متكلسة عفا عليها الزمن وشاخت وانتهت صلاحيتها.

اما الحقيقة الاخرى التي افرزتها هذه الانتفاضات اكدت ان الديكتاتوريات العربية هي نتاج انظمة من المفترض انها ثورية وانها اي هذه الانظمة ثارات على ما اعتبرته ظلما وكبتا وجورا، ولكنها تحولت الى انظمة دكتاتورية اقسى مئات المرات من تلك الانظمة السابقة التي ادعت انها اما كانت عميلة للاستعمار او متعسفة وظالمة لشعوبها، فشهدنا كيف اضحت الجمهوريات انظمة سياسية من نوع جديد فلا هي جمهورية ولا هي ملكية، فقد تحولت الى انظمة تحتاج الى تعريف سياسي خاص بها يميزها عن النظامين الجمهوري او الملكي.

اما الحقيقة الثالثة فتتلخص بان هذه الانظمة التي رفعت الشعارات الثورية وتاجرت بفلسطين واستثمرت النضال الفلسطيني على مدى سنوات طويلة من اجل بقائها هاهي تلجأ الى قوى خارجية من اجل مواجهة شعوبها، سواء كانت هذه القوى مرتزقة او اجهزة امنية في بلدان تعتبرها صديقة تملك خبرات في قمع الانتفاضات الشعبية والجماهيرية او مليشيات موالية لها تملك الخبرة في هذا المجال، هذا علاوة على ان هذه الانظمة تعتبر قتل شعوبها هو امر ضروري وشرعي، لان المطالبة بالحرية يعادل من وجهة نظرها و من حيث المبدأ، العمالة والخيانة العظمى.

اما الحقيقة الرابعة فهي ان العالم العربي اصبح الان يتشكل من ثلاث حالات سياسية...
الاولى وهي الانظمة المستقرة والتي ينبع اسقرارها من عاملين اساسيين الاول وهو ان لا شك ولا تشكيك بشرعية الحكم فيها بغض النظر عن مدى ديمقراطيته، حيث نجحت بعض هذه الدول باستبدال الديمقراطية بصورة ناجحة بالتسامح السياسي والقيمي وخلوها الى حد كبير من القمع والكبت والظلم، اما العامل الثاني فهو البحبوحة المالية والمادية التى شكلت بديلا تعويضيا لدى بعض هذه الدول عن غياب الحريات السياسية والديمقراطية الدستورية،
اما الحالة الثانية في الحالة العربية الراهنة فتتمثل في الانظمة الجديدة التي شهدت التغيير او التي هي على وشك حدوثه،
اما الحالة الثالثة فهي الانظمة المستعرة والتي تخوض معركة البقاء ضد شعوبها و التى مازالت تعيش مصيرا مجهولا، ومن هنا يمكن الاشارة الى منطقية ووجاهة الدعوة الخليجية للاردن والمغرب وهما بلدان دستوريان وديمقراطيان للانضمام لمجلس التعاون الخليجي وذلك على قاعدة الحالة الاولى وهو تحالف الانظمة المستقرة التى اصبحت من الناحية العملية هي المسؤولة والقادرة عمليا على حماية المصالح العربية والامن القومي العربي والدور العربي على المستوى الإقليمي والدولي.

بقلم  رجا طلب 
-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق