الاثنين، يونيو 13، 2011

خبير ألماني: برلين تحاول تدارك موقفها إزاء ليبيا والتملص من مهام حرجة

في حوار مع حديث لدويتشه يرى الصحفي الألماني شتيفان بوخن أن اعتراف برلين بالمجلس الوطني الانتقالي "ممثلا شرعيا للشعب الليبي" جاء متأخرا ولا يغير من الأمر كثيرا، عازياً تحفظ برلين إلى غموض مستقبل المشهد السياسي الليبي.

 أعلن وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيله اليوم الاثنين (13 حزيران/ يونيو) في بنغازي أن ألمانيا تعترف بالمجلس الوطني الانتقالي، الهيئة السياسية للثوار الليبيين، "ممثلا شرعيا" للشعب الليبي. يأتي هذا الاعتراف بعد أن أعلنت 12 دولة من قبل اعترافها بهذا المجلس، من بينها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة. يذكر أن ألمانيا كانت قد امتنعت عن التصويت في مجلس الأمن على أثناء التصويت على القرار 1973 حول ليبيا الذي سمح باللجوء إلى القوة لحماية المدنيين الليبيين قبل أن ترفض أي مشاركة في عملية "الحماية" هذه، وبالتالي في العمليات العسكرية التي يقوم بها حلف الناتو  في ليبيا، لكن برلين أدانت نظام القذافي واعتبرت إنه فقد شرعيته.
 ولتسليط الضوء على الموقف الألماني على الموقف الألماني من الأزمة الليبية أجرت دويتشه فيله حوارا مع الصحفي الألماني شتيفان بوخن، مراسل القناة  الألمانية الأولى في الشرق الأوسط والمتخصص في شؤون العالم العربي، والذي قضى عدة أشهر في ليبيا لتغطية الأحداث هناك أثناء الحرب الحالية.  

دويتشه فيله: السيد بوخن، برأيك كيف تفسر هذا التغير في الموقف الألماني؟

شتيفان بوخن: ألمانيا تأخرت في الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي، ففيما اعترفت قبل ثلاثة أشهر دول عدة عضوة في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأخرى في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا تنتمي لكلاهما، رفضت برلين القيام بهذه الخطوة. وبينما قررت دول عضوة في حلف الناتو، على غرار فرنسا وبريطانيا وإيطاليا والولايات المتحدة، القيام بعمليات عسكرية مشتركة ضد نظام القذافي بهدف حماية المدنيين، امتنعت ألمانيا عن ذلك ولا تزال متمسكة بموقفها. وخطوة وزير الخارجية الألماني اليوم جاءت متأخرة جدا.

فيسترفيله كان قد برر موقف بلاده الرافض للمشاركة في العمليات العسكرية في ليبيا بعدم معرفة طبيعة الأشخاص الذين أسسوا المجلس الوطني الانتقالي، فيما يتعقد محللون أن تحفظ برلين تحركه مخاوف من ظهور أفغانستان جديدة أو عراق جديد في ليبيا. برأيك هل تبددت هذه المخاوف الآن؟

ما ذكره فيسترفيله بشأن التحفظ الألماني إزاء المجلس الوطني الانتقالي في شهر آذار/ مارس لم يكن تبريرا بل كان ذريعة....

إذن ما هو السبب الحقيقي وراء امتناع الحكومة الألمانية عن المشاركة في عمليات حلف الناتو العسكرية والتردد قبل الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي؟

أعتقد أن ذلك يعكس محدودية في القدرة على قراءة الخارطة السياسية. طبعا هناك شكوك كثيرة وغموض يكتنف مستقبل ليبيا ولا أحد بإمكانه في الوقت الحالي التكهن كيف ستتطور الأمور في ليبيا فيما بعد. ولكن هناك معطيات واضحة، ومن بينها أن سقوط نظام القذافي يكاد يكون أمرا حتميا. وإذا راهن وزير الخارجية على مصالح بلاده الاقتصادية مع نظام القذافي فإنه رهان خاسر لا محالة لأن سقوط نظام القذافي أو تنحيه أصبح مجرد مسألة وقت وهو آت آجلا أم عاجلا.

فيسترفيله قال في بنغازي إن ألمانيا تعترف بالمجلس الوطني الانتقالي "ممثلا شرعيا للشعب الليبي"، ولم يقل "ممثلا شرعيا وحيدا"، هل يمكن فهم هذا على أنه نوع من الحذر ولإبقاء الأبواب مفتوحة في حال ظهرت قوى سياسية أخرى على المشهد السياسي الليبي؟

أنا لا أستطيع تحليل تصريحات وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله بشأن ليبيا، ولكني أقول كمحلل سياسي وكصحفي أيضا قضى أربعة أشهر في ليبيا بين طرابلس وبنغازي ومصراتة وواكب الأحداث عن كثب، إن الغموض يكتنف المستقبل السياسي في ليبيا، حتى بعد سقوط نظام القذافي، لأن حتى أعضاء وممثلي المجلس الوطني الانتقالي يواجهون بدورهم صعوبات في تنسيق الجهود، والثورة في كل أنحاء ليبيا ذات المساحة الشاسعة جدا. كما توجد مصالح مختلفة، حيث رأيت في بنغازي قبل بضعة أشهر حقوقيين ومحامين معتقين معارضين لنظام القذافي.

واليوم نرى كذلك آخرين كانوا موالين للزعيم الليبي لسنوات طويلة وعملوا تحت أمرته ثم انشقوا عنه في الفترة الأخيرة عندما رأوا أن الكفة بدأت ترجح لصالح الثوار. ومن الواضح أن هذه العناصر تتطلع إلى القيام بدور سياسي في المستقبل وقد يؤدي ذلك إلى اندلاع صراع بين هذه العناصر وبين مؤسسي المجلس الوطني الانتقالي، الذين ربما يرون أن انشقاق بعض الموالين من قبل عن نظام القذافي فقط في الفترة الأخيرة، على غرار وزير النفط شكري غانم وبعض الجنرالات، بأنه نوع من الانتهازية. وأعتقد أن التفاهم بين قوى سياسية مختلفة حتى بعد سقوط نظام القذافي لن يكون سهلا.

 فيسترفيله قال أبدى استعداد بلاده لتقديم الدعم لإعادة الاعمار الاقتصادي والاجتماعي والمساعدة على إرساء حقبة سياسية جديدة في ليبيا بعد سقوط نظام القذافي؟ فهل هذا كافيا في نظرك؟

أعتقد أنه ورغم الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي فالتحفظ الألماني لا يزال قائما. هذه الزيارة المتأخرة لبنغازي من قبل وزير الخارجية ووزير التعاون الدولي الألمانيين لا تغير كثيرا من موقف ألمانيا. كما أعتقد أن هذه الاقتراحات التي تقدم بها فيسترفيله في تقديم الدعم الاقتصادي والمساعدات الإنسانية والخدمات الاجتماعية في ليبيا هي برأيي محاولة أخرى لتدارك الموقف الألماني إزاء ليبيا. وأعتقد أنها أيضا محاولة للتملص من مسؤوليات أخرى في المستقبل بأنها قد قدمت دعما لليبيين وتمتنع عن القيام بمهام حرجة وثقيلة مثل إرسال قوات أو جنود ألمان إلى ليبيا، لأني أعتقد أن الانتقال السياسي بعد سقوط نظام القذافي لن يكون سلميا. وأعتقد أن تدخل عسكري دولي قد يكون ضروريا خلال تلك الفترة الانتقالية.

لو كانت ألمانيا قد اعترفت بالمجلس الوطني الانتقالي مبكرا وشاركت في عمليات حلف الناتو في ليبيا، هل كان من شأن ذلك أن يغير في مسار الأحداث في ليبيا؟

لو اتخذت ألمانيا موقفا أكثر تضامنا مع حلفائها الغربيين منذ البداية لكانت زادت من وزنها السياسي داخل الاتحاد الأوروبي وداخل حلف الناتو. طبعا، قيام حلف الناتو بالعمليات العسكرية ضد كتائب القذافي ساهم في تخفيف العبء عن الشعب الليبي. ولولا التدخل السريع من قبل سلاح الجو الفرنسي قبل أشهر في بنغازي لكانت قوات القذافي ارتكبت مجزرة فيها. وربما هناك من يشك في ذلك ولكني كنت موجودا هناك في تلك الأيام ورأيت ما جرى ورأينا أن سلاح الجو الفرنسي قصف دبابات كتائب القذافي وهي في ضواحي مدينة بنغازي ولا أعتقد أن هذه الدبابات كانت تتنزه هناك.

أجرت الحوار شمس العياري
مراجعة: عبده جميل المخلافي


-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق