الأحد، مايو 22، 2011

ليبيا : روسيا : سوريا : السياسة الروسية والتخبط وعدم الوضوح



الموقف الروسي مما يجري في ليبيا وسوريا، بل من مجمل قضايا المنطقة، وخصوصاً القضية الفلسطينية، هو موقف ملتبس  . لأن روسيا مابعد الاتحاد السوفييتي لم تعد محكومة بمبادىء سياسية تحدد خطواتها، إنما بمصالح تحققها من خلال اتباع سياسات عنوانها الغاية تبرر الوسيلة  .
نفاجأ أحياناً بمواقف روسية ضد القضايا العربية، لأننا مازلنا نعيش في عقولنا ذلك الحنين (نوستالجيا) إلى الماضي، يوم كان الاتحاد السوفييتي يقف إلى جانب قضايانا على طول الخط، ويمثل تحدياً للسياسات الأمريكية في إطار الحرب الباردة بينهما، ويدعم شعوبنا وحقوقها  .
لكن روسيا الآن شيء آخر، لم يعد الشرق الأوسط ودوله، ومن بينها الدول العربية يمثل خطاً دفاعياً عن المنظومة الاشتراكية، فهي بعد سقوط العراق قبلت بإسقاط المنطقة في القبضة الغربية، ولم تعد تتخذ مواقف حاسمة وجذرية من “إسرائيل” في حال اعتدت أو ارتكبت مجازر كما حدث في لبنان وقطاع غزة، وقبلت بدور باهت في إطار “اللجنة الرباعية” التي تشكلت بعد مؤتمر مدريد، وهي لجنة متحيزة ل “إسرائيل” في ما يتعلق بمواقفها إزاء وسائل تسوية حل القضية الفلسطينية  .
يمكن فهم الموقف الروسي من الوضع في ليبيا أو سوريا، لو كان ذلك يعبر عن موقف ثابت وجذري في السياسة الروسية، في إطار صراع حول قضايا الحرية في العالم مع الدول الغربية، بل ويمكن تأييد هذا الموقف، لو كان الأمر مبدئياً كذلك  . لكن ثبت من خلال التجربة أن روسيا تلجأ إلى المواقف المتشددة في القضايا الدولية، كما هو الحال الآن في قضية الدرع الصاروخي الأمريكي  الأطلسي في أوروبا، في إطار عملية مقايضة للتوصل إلى صفقة في قضية أخرى  .
السياسة الخارجية الروسية تعاني الضبابية وعدم الوضوح، إنها تسير في خط بياني متعرج، خصوصاً إزاء القضايا الكبرى، ومنها القضايا التي تتعلق بحقوق الشعوب والعدالة الدولية، ما يفقدها المصداقية ويسمها بالضعف في مواجهة السياسات الأمريكية والغربية عموماً  .
يردد القادة الروس دائماً، ومن بينهم رئيس الوزراء بوتين أن روسيا دولة عظمى، وتمتلك كل مقومات القوة كدولة عظمى، لكنها ميدانياً تتصرف بردود أفعال، كأنها تفتقد استراتيجية واضحة ومحددة كما يفترض بدولة عظمى  .
المواقف الروسية تجاه ما جرى في مصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن غير واضحة في ما إذا كانت تعبيراً عن موقف ثابت، أو هي محصلة لمجموعة مصالح في إطار محاولتها للحصول على حصة في كعكة التحولات الجارية في المنطقة، أو ما إذا كانت هذه المواقف هي في مصلحة شعوب المنطقة؟
لقد دأبت الولايات المتحدة على اتباع سياسة ثابتة وواضحة لتحقيق مصالحها في المنطقة تقوم على دعم الأنظمة القائمة، بما يتناقض مع مصالح وتطلعات شعوبها، الأمر الذي أفقد هذه السياسة الصدقية والاحترام لدى هذه الشعوب  .
إن روسيا الآن تخبط خبط عشواء بشكل يسيء لها ولسياساتها ومصالحها، وبما لا يليق بتاريخ طويل من علاقاتها المميزة مع شعوب المنطقة  .
المطلوب سياسة روسية واضحة وثابتة، تأخذ مصالح وتطلعات الشعوب العربية في الحسبان، وبذلك تكسب الاحترام والتقدير، ومعهما المصالح  .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق