الأربعاء، يونيو 01، 2011

ليبيا : بعد ثورة الياسمين وثورة اللوتس هل هي ثورة البانجو ؟؟


إذا كان اسم ثورة الياسمين قد أطلق على ما حصل في تونس الخضراء واسم ثورة اللوتس على ما جرى في مصر، أرض الكنانة، فبعد تصريح العقيد الليبي معمر القذافي بأنه سيتظاهر مع الشعب ضد الحكومة، فإنه يمكن وصف أحداث ليبيا بأنها ثورة البانجو.
العقيد معمر القذافي أطول حكام العالم بقاء على كرسيه، أوجد نظام حكم يليق بـ«مزاح» سياسي مميز، و«كيف» اقتصادي عال، و«سلطنة» ثقافية خيالية! فهو ليس برئيس أو حاكم، ولكنه (قائد للثورة)، ما هي مسؤولية هذا المنصب وحدوده؟ لا أحد يعلم! لا يوجد دستور ولا نظام حكم في ليبيا، ولكن المسألة متروكة بشكل عشوائي، ولكن مقصود، بحيث يصور أن الحكم للشعب عبر اللجان والمؤتمرات الشعبية والثورية، ولكن واقع الأمر هو استبداد مهول.

القذافي هو بالنسبة للسياسة العربية أشبه بالفن التكعيبي والسريالي؛ لا أحد يفهم مقصد المنتج الفني إلا الفنان نفسه. لم يجد حرجا من الانقلاب على نفسه ولا على ثورته، فأكل كل رفاقه، وأولهم زميل رحلة دربه وكفاحه، عبد السلام جلود (تماما مثلما فعل مثله الأعلى جمال عبد الناصر مع عبد الحكيم عامر)، ولا يمكن نسيان فضل جمال عبد الناصر على ليبيا وعلى معمر القذافي، الذي قال فيه، في بدايات حكم القذافي: «إنني أرى فيك شبابي يا معمر»، ومن يومها والشعب الليبي والعالم العربي يدفع ثمن هذه المقولة. وحاول القذافي، ذات اليمين وذات الشمال، أن يعيد فكرة الوحدة الناصرية مع دول عربية مختلفة، فجرب حظه مع مصر والسودان ومع تونس، ولكنها جميعا لم تؤخذ بالجدية الكافية، وسخر منها الآخرون، حاول تنصيب نفسه زعيما لحركات التحرير حول العالم، فدعم الثوار في آيرلندا الشمالية تارة، وأهل جنوب السودان والهنود الحمر في الولايات المتحدة، وتورط نظامه في أحداث مريبة، لعل أشهرها وأهمها اختفاء الزعيم الديني اللبناني، موسى الصدر، خلال زيارة له إلى ليبيا، وكذلك «اختفاء» المعارض الليبي الكبير، منصور الكيخيا، في ظروف غامضة، والاتهام الموجه له في حادثتي إسقاط الطائرتين «البان» الأميركية فوق مدينة لوكربي الاسكتلندية وطائرة الــ«يو تي آي» الفرنسية، فوق الأراضي الأفريقية، وكذلك تفجير ملهى ليلي في إحدى المدن الألمانية، ومع عدم إغفال دور النظام في تأجيج الوضع في تشاد وفي دارفور بأشكال معروفة ومختلفة.

واقتصاديا، كان نظام القذافي يطبق السياسة الرأسمالية بامتياز خارج حدوده، فيستثمر بقوة في كبرى الشركات الأوروبية في ألمانيا وإيطاليا، ويؤسس أكبر المصارف العربية، ويلعب لعبة النفط بامتياز، وفي الداخل يستمر في سياسته البوهيمية الغريبة المبنية على أسس وقواعد روج لها القذافي في كتابه المشهور «الكتاب الأخضر»، الذي حاول أن يؤسس فيه لنظرية سياسية خاصة وفريدة، حولته إلى مادة دسمة للفكاهة والسخرية، جعلت بعض المكتبات العامة في الجامعات الكبرى في الغرب تصنف الكتاب تحت خانة الكوميديا الساخرة، وليس العلوم السياسية.

وطبعا لا ينسى العربي محاولة ضربه لمصر، مما أدى لأن «يؤدبه» أنور السادات، ويسميه بـ«الواد المجنون بتاع ليبيا»، وكذلك اختطافه لوزراء البترول العرب عن طريق الإرهابي كارلوس، وتمويله لمحاولة اغتيال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وطرده للفلسطينيين المقيمين عنده، ودعوته لأن يقيموا مخيمات على حدود بلاده، وإطلاقه لفكرة «إسراطين» كحل لمشكلة فلسطين وإسرائيل، وتغييره للتقويم الهجري وبعض آيات القرآن في تأويل جديد له، وطبعا انقلابه على فكره السياسي وانفتاحه غير المفهوم على الغرب (أعداء الأمس) فجأة. سمحنا له بأن يضحك كثيرا علينا، واعتبرناه مادة خفيفة، اليوم هو يقوم بمجزرة مرعبة بحق المواطنين الليبيين، ويبيدهم بشكل همجي وسحق مريب، فيمنع وسائل الإعلام من الحضور، ويحجب الإنترنت، ويطلق يد الجيش والأمن لإبادة كل محتج.

القذافي فترة معيبة في التاريخ العربي، ويستحق الرحيل فورا. والشعب الليبي الآن يقول كلمته، فموقع ليبيا بين تونس ومصر سيزيد من ثقل ثورتها ويكتب لها النجاح.

هناك تعليق واحد:

  1. هذا العنوان والمقال يشوه دماء الشهداء الطاهرة الزكية .

    أرجوكم أحذفوا المقال وكأني أراكم تستهزئون بثورة وثوار 17 فبراير

    ردحذف