السبت، يونيو 04، 2011

البريقة


معارك تخوم البريقة –  ملطم جامعة النجم الساطع

حينما لاذت فلول المرتزقة بالفرار هاربة من جحيم المعارك الدائرة في بنغازي، حيث لقنتهم قوات الصاعقة "الجيش الوطني" درسا في فنون القتال واذاقوهم المرارة وكبدوهم الخسائر، فروا حينها فرادى وفي مجموعات صغيرة متشرذمة وعندما مروا باجدابيا يوم 2/3/2011 سلكوا الطريق الدائري الشمالي ....
ليتحاشوا المواجهة مع الثوار المرابطين هناك، عبروا اجدابيا وقد كانوا بمنأى عن الثوار، وظنوا انها اخر معاقلهم، فلم يكن بحسبانهم ان هناك ثمة ثوار وثمة مقاتل على كل شبر من ارض "برقة" ينتتظرهم لينقض عليهم.


اقتربوا من البريقة، وواصلوا هروبهم البائس وقد كانت الاعين الساهرة تترصدهم وترمقهم، وكانت الاصابع تلامس اطراف الزناد، وعندما وصلوا بمحاذاة المدخل الشرقي للبريقة الجديدة انقض عليهم الثوار هناك وامطروهم بصواريخ "ار بي جي" وقد استخدمو في هجومهم "الجلاطين" لترويعهم وشل حركتهم، فكان لهم ذلك، حيث اعطبو ثلاثة سيارات نوع تيوتا "فجعة" تحمل كل سيارة 10 جنود مرتزقة، فقتلوا بعضهم ودارت معركة بالاسلحة الخفيفة مع سيارة محملة بالجنود لم يصبها الثوار انتهت بأسر هذه المجموعة، وتكرر هذا المشهد اكثر من مرة.

وذات صباح واذ باصوات قصف لقذائف مورتر وصواريخ كاتيوشا تدك المدخل الغربي للبريقة "المفوس" وبوابات شركة مرسى البريقة للنفط، شركة سرت سابقا، حيث توغلت سبعون سيارة من كتائب ومرتزقة القذافي سالكة المحور الغربي عبر الطريق الرئيسي تحمل كل سيارة راجمة صغيرة ومدافع م ط، ورشاش وعدد من الجنود، بادروا بإطلاق النار في كل مكان وفي جميع الاتجاهات! اصابوا ثلاثة اطفال كانوا يرعون الاغنام من عائلة احمودة، ثم دخلوا وهم يطلقون النار هنا وهناك فقتلوا اكثر من رجل مدني اعزل.

دب الرعب في المنطقة، حاول ثوار البريقة والبالغ عددهم قرابة الخمسين مقاتلا التصدي لهذه الكتيبة الكبيرة، فدارت مواجهة حامية الوطيس قرب مدخل المنطقة الاولى وقد استشهد على اثرها اثنان من الثوار.

تقدمت الفرقة المرتزقة والتي كانت تتكون من مرتزقة الداخل والخارج، وتوغلت عبر المدخل الجنوبي للشركة. حاولت السيطرة على المطار، حيث دارت هناك معركة مع الثلة القليلة من الثوار حيث استشهد ثلاثة من الثوار واسر بعضهم، ونتيجة للفارق في العدة والعتاد اثر الثوار الانسحاب وسيطرت الكتيبة المأجورة لبرهة.

تنادى اهالي البريقة وتسلحوا بما تيسر. تحركت فرقة من ثوار اجدابيا لمساندة الاهل هناك ولم تمر الساعة حتى وصل الزخم الاجدابي القوي الذي لعب دورا كبيرا صحبة اهالي البريقة في حسم المعركة، عندها تحصنت فرقة قرب جامعة النجم الساطع، وفرقة ثانية تحصنت داخل مطار شركة مرسى البريقة وثالثة كانت تائهة ومذعورة تحصنت داخل شركة "مان".

التحم الاهالي مع الثوار، فخاضوا اروع ملحمة ضد قوى الغدر المرتزق المأجور. هاجم الثوار على ثلاث محاور، محور شمال جامعة النجم الساطع، ومحور جنوب الجامعة، ومحور اخر هاجم الفلول التي اتجهت الى المطار. استمرت المعركة قرابة الـ 10 ساعات.

لحظات ثم دخل الطيران على الخط، حيث ما انفكت طائرات العدو تغير على الجامعة وتحوم في سماء البريقة لتخليص الفلول المسعورة، فقذفت احد الطائرات صواريخ قرب الجامعة فلم تصب احدا.

وعلى غير المتوقع، قامت طائرة للثوار بشن هجمات على المرتزقة، فغارت على المطار واصابته بصاروخ، وعادت شرقا وقامت بغارة على مجموعة متمترسة قرب الجامعة، ثم اتجهت شرقا الى بنغازي.

حمي وطيس المعركة وتزاحم الرجال، وازداد انين العدو وتعالت صرخاته، فبدأت فلوله تترنح وبدأ سماع انينهم وعويلهم ,فاثخنوهم بالجراح، واذاقوهم الويلات، وضيقوا عليهم، فقتلوا عددا منهم واسروا بعضهم، وانتهت المعركة بدحرهم وهروبهم، فانكسرت شوكة الكتيبة المجحفلة "كتيبة الساعدي" واستشهد قرابة الـ 11 من الثوار، منهم الشهداء: ناجي علي بوخمادة، وسعيد جمعة العليوي المغربي، وعبد المنعم سعيد العليوي، ومفتاح محمد عياد نشاد. كما استشهد خالد الزروق التاغدي، احد الثوار القادمين من بريطانيا، وينحدر من منطقة الظهرة بطرابلس، والذي وصل متأخرا صحبة مقاتلي وثوار بنغازي والجبل الاخضر .البواسل، حينها ضيق الثوار على المرتزقة، ولاذوا بالفرار تاركين اسلحتهم وبعض عتادهم. وبوصول قوات الثوار من بنغازي والجبل الاخضر، كانت المعركة قد اوشكت على الحسم، فأبى ثوار بنغازي والجبل الاخضر الا ان يواصلوا الزحف في تلك الليلة فتوغلوا غربا وضربوا بقوة فقاموا بمواجهة ودحر الكتائب في راس لانوف
فلول الطاغية ومرتزقته تتخذ دروعا بشرية وعملية نوعية للثوار.

يعتقد الكثيرون ان جنود الطاغية وكتائبه التي يحشدها في البريقة هي قوات نخبة لا تقهر وان جنوده شجعان اشاوس لا يهابون الموت، وان جيشه المرتزق لا يهزم، ويستندون على ذلك ببقاء هذه القوات كل هذه الفترة متحكمة وويعتقدون بانه ربما يطول بقائها، ويشككون في امكانية هزيمتها، ودحرها الى ما بعد البريقة وراس لانوف. ووفق شهود عيان، وشهادات اناس عاشوا التجربة واحتكوا بهذه الفلول المذعورة ونزحوا من هناك وقد خصونا بالحديث وشرحوا لنا بعدما سردوا معاناتهم ومأساتهم عندما اتخذتهم هذه الفلول كدروع بشرية لحماية نفسها واكدوا لنا بأن التي تسمى كتائب مدججة مرعبة،تمتلك الكاتيوشا والغراد بكثرة وحركتها منظمة جهارا نهارا، لم تعد كذلك بل اصبحت عبارة عن عصابات، وحركتها محدودة ولم يعد هناك "غراد" كما في السابق ولم يعودوا منظمين، ويعتمدون الغش والاختفاء يشبهون في تحركاتهم العصابات.

مؤخرا قاموا بجلب بعض العائلات الموريتانية وبعض العائلات من مدينة تاورغاء وتم توطينهم بالبريقة لاتخاذهم دروعا بشرية من ناحية واظهارهم في اعلامهم المأجور على اساس انهم سكان اهل البريقة، وفي الواقع ان اهل البريقة بالكامل هم نازحون الى مدن الشرق الليبي واخبرني احد النازحين من هناك قصصا وحكايات غريبة عجيبة، وعن معاناة ومأساة حقيقية تعيشها هذه الفلول، حيث يحتمون بالاطفال ويهرعون ويدب الرعب بينهم كلما سمعوا صوت طائرات الناتو التي لم تتوقف عن التحليق وشن الهجمات على مواقع فلول الكتائب فمع كل غارة للناتو يهرع هؤلاء المذعورين ليحتموا بالاطفال ويتحصنون داخل بيوت الاهالي ويلقون باسلحتهم.

واذكر انه اخبرني وقال انه ذات يوم دخلت كتيبة مجحفلة الى منطقة العرقوب وكان بها بعض الاهالي وقد نزح السواد الاعظم من هذه المنطقة، وبينما كانت سيارات الذخيرة تمر عبر المدخل الجنوبي فإذا بطائرات الناتو، تهاجم هذا الرتل واذكر انه يومها قصفت شاحنات محملة بذخيرة خاصة "صواريخ غراد" واذا بالجحيم يحل بمنطقة العرقوب وبدأت الكارثة، صواريخ وحمم من اللهب تتطاير هنا وهناك، الكل يحاول يبحث عن مخرج، سقط بعض الاطفال، صغار تائهون ونساء روعن في تلك الليلة، وكتائب كانت تسمى، صارت تحتمي خلف النساء والاطفال، وقد اتخذوهم دروعا بشرية، فلول مذعورة، وقد علا صراخها وعويلها، وسقط عدد كبير منها، وتم حرق مجموعة كبيرة من السيارات العسكرية التابعة لكتيبة مسعود الحرير القذافي.

استمر اشتعال السيارات المحملة بالذخيرة 5 ساعات متواصلة والصواريخ تنهمر على منطقة العرقوب وتهطل من كل الاتجاهات، تركت فلول الطاغية العربات العسكرية وهربو الى داخل المنطقة، نزح بعض الاهالي تلك الليلة، فتحركت ثلاثة سيارات مدنية تحمل اطفال ونساء واتجهو غربا، فارين من الجحيم، شاهدهم جنود الطاغية، فلم يشاؤوا ان ينزحوا، ويتركوهم لوحدهم فما كان منهم الا وان قامو بقصف هذه السيارات، بالراجمات وبعض الاسلحة الخفيفة، فكانت الكارثة، والمجزرة، سقط ثمان اطفال، و5 نساء و4 من الرجال، وجرح قرابة الخمسة ما بين اطفال ونساء.

لم يكتفوا بذلك، بل قاموا بنقل الجرحى الى سرت، ورفضوا ذهابهم الى بنغازي لاخفاء جريمتهم النكراء، وتمادو في اجرامهم حينما اظهروهم في اعلامهم الكاذب، مدعين ان الناتو قد قصف هذه العائلات في منطقة العرقوب، وفي اليوم التالي من الجريمة، قدموا الى منطقة العرقوب، لتأدية واجب العزاء، على رأي المثل العربي "يقتل القتيل ويمشي في جنازته".

رفض اهالي العرقوب اخذ الدية وقالوا لهم اغربوا من هنا، فأنتم من قتلنا، وليس الناتو، احد ما ابلغ الثوار، واخبرهم بأن العدد ليس بكبير وان الحرير القذافي وزبانيته يعيثون فسادا في العرقوب.

تحرك الثوار ودخلوا من المحور الشرقي، قبضوا على الفور على اثنين كانا يحاولان دخول دورة مياه قرب احد البيوت، واسروا جنديا اخر كان يقف خلف رشاش متمترس في وسط المنطقة. تحرك الثوار بهدوء، وفاجؤوا الحرير وزمرته، فبادروهم بإطلاق النار، فسقط الحرير مثخنا بجراحه، وبعض ممن كانوا معه، وفرت مجموعة اصيب معظمها وهم من القذاذفة واولاد سليمان واحتمت داخل بيت العزاء وخلف النساء، وهم يبكون وينوحون كما تنوح نساء العرقوب.

غادر الثوار وقد غنموا مدفعا واسلحة واسروا بعض الجند وقتلوا وجرح بضع الجنود وجرحوا مجموعة بينها قائد الكتيبة مسعود الحرير القاذافي.

موسى المغربي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق