قالت هيومن رايتس ووتش اليوم، إن القوات الحكومة الليبية أساءت مُعاملة الطاقم الطبي والمرضى أثناء احتلال غير مشروع دام ستة أسابيع لمستشفى في يفرن، وهي بلدة في الجبال بغرب ليبيا.
وقالت هيومن رايتس ووتش، إن القوات الحكومية عرضت نحو 30 موظفا وثلاثة مرضى لخطر داهم من خلال منعهم من المغادرة، ونشر الأسلحة العسكرية في مجمع المستشفى. إن الفشل في احترام وحماية المستشفى هو انتهاك للقانون الدولي الإنساني.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يعتبر احتلال مستشفى وترويع المرضى والموظفين عمل غير قانوني وغير إنساني. وللحد من ويلات الحرب، تحتاج المستشفيات إلى أن تكون خالية من المقاتلين، ويحتاج الأطباء والممرضين إلى التأكد من سلامتهم".
احتلت القوات الحكومية مستشفى يفرن العام من 19 أبريل/نيسان 2011، حتى بداية يونيو/حزيران. وبحلول ذلك الوقت كان معظم سكان يفرن قد فروا من البلدة، بعد أسبوعين على الأقل من قصف الحكومة. بقي ما يُقارب 30 ما بين الأطباء والممرضات في المستشفى، ومعظمهم بنغلادشيين أو أوكرانيين، إلى حد كبير لأنهم لم يشعروا بالأمان الكافي لمغادرة البلاد. وكان أيضا ثلاثة مرضى غير قادرين على المغادرة بسبب ظروفهم الصحية.
وقال طاقم المستشفى لـ هيومن رايتس ووتش، إن المجموعة شبه العسكرية، المعروفة بـ الحرس الشعبي، احتلت في البداية المستشفى، والتي كانت تُشارك في عمليات نهب بعد أن استولت على يفرن في 18 أبريل/نيسان. وقال طبيب لـ هيومن رايتس ووتش إن الحرس المدني دخلوا المستشفى بقوة وكسروا الأبواب المقفلة في بحث عقيم عن المقاتلين المتمردين. وأضاف إنه شاهد الجنود يضربون أحد العاملين المصريين، وكان جريحا، عثروا عليه بوحدة العناية المُركزة. وقال الطبيب: "شعرنا بالدهشة من طريقة تعاملهم معه".
وقال عاملون في المستشفى إن الحرس المدني رفض السماح لموظفي المستشفى بالرحيل. وعلى مدى ستة أسابيع، عالج العاملون في المستشفى في المقام الأول جرحى قوات الحكومة الليبية. ووصف عاملون في المستشفى مناخا من الخوف من الاعتداء والتهديدات من طرف الحرس المدني.
وقال أحد المرضى الذين كان يتلقى الرعاية الطبية في المستشفى عندما وصل الحرس المدني، إن المقاتلين دخلوا غرفته وهددوه بتعذيبه وإطلاق النار عليه إذا ما غادر المستشفى. وقال: "إنهم فعلوا ذلك طوال الوقت". وقال: "كنت خائفا أن يعود أحدهم ليلا ويُطلق النار علي، لذلك كنت أغير أحيانا السرير الذي أنام عليه".
وفي مايو/أيار، اعتقل الحرس المدني ممرضا، والتي تم احجازه بعد ذلك لأكثر من ثلاثة أسابيع، بما في ذلك بعض الوقت في سجن أبو سليم في طرابلس، وتم تعذيبه في بعض الأحيان. وقال الممرض لـ هيومن رايتس ووتش: "قالوا لي إنهم يحتجزوني لأني تعاملت مع مقاتلي المتمردين في المستشفى".
وقال شهود عيان إن الحرس المدني نقل أسلحة عسكرية إلى داخل مجمع المستشفى، بما في ذلك الأسلحة الأوتوماتيكية والمدافع الرشاشة والأسلحة المضادة للطائرات. وقال أحد الأطباء إنه تم وضع ثلاثة أسلحة من العيار الكبير في المجمع: واحد عند البوابة الأمامية، وواحد بالقرب من المطبخ، وواحد بالقرب من المدخل الرئيسي. وشاهدت هيومن رايتس ووتش لقطات فيديو صُورت من قبل عامل طبي بهاتفه الخلوي في أواخر أبريل/نيسان والتي أظهرت مدفعا رشاشا من العيار الثقيل وُضع فوق سيارة جيب في مجمع المستشفى.
وفى أواخر أبريل/نيسان أو أوائل مايو/أيار، استلم على الأقل 14 جنديا لواء رضا العسكري السيطرة على المستشفى من الحرس المدني. وقال الكاقم الطبي إن مُعاملة العمال الطبيين والمرضى قد تحسنت مع وصول القوات المسلحة النظامية، ولكن التزود بالطعام والماء ظل ناقصا. وقدم الجنود للموظفين والمرضى كوبين من الماء يوميا، فضلا عن الأرز في الصباح والمعكرونة في المساء. وقالوا إن الجيش سمح للممرضات والأطباء بمغادرة المجمع بتصريح، لكنهم لا يمكن أن يذهبوا بعيدا بسبب القوات الحكومية في المدينة. كان لدى جنود لواء رضا أساسا أسلحة صغيرة، لكن الطبيب قال إنهم في يوم واحد، في منتصف مايو/أيار، أطلقوا النار مرتين من رشاشات من العيار الثقيل من بوابة المستشفى على هدف غير معروف.
وجدت هيومن رايتس ووتش حوالي عشرين أظرف رصاص من عيار 7.62 ملم، والتي تستخدم في بنادق AK - 47 الهجومية، في أجزاء مختلفة على أرض المستشفى، من بينها واحدة في مكان يُطل على مدخل المستشفى. وقال الطاقم الطبي إنهم بالفعل أزالوا أظرف رصاص أخرى من المكان. وكانت على الأبواب الزجاجية عند مدخل المستشفى والبوابة الخارجية ثقوب الأعيرة النارية، ناتجة على ما يبدو عن القتال بين الحكومة والقوات المناهضة للحكومة في بداية يونيو/حزيران.
فرت القوات الحكومية من يفرن عندما سيطر المتمردون على البلدة في 2 يونيو/حزيران. واعتبارا من 24 يونيو/حزيران، أبقى المقاتلون المتمردون ما بين 3 و 5 حراس مسلحين خارج المستشفى، بالرغم من أنهم في بعض الأحيان يدخلون إلى المبنى بأسلحتهم. وقال موظفو المستشفى، الذين أجريت معهم مقابلات على انفراد، إنهم لم يتعرضوا لأية تهديدات أو أعمال عنف من طرف المقاتلين المتمردين.
ويوفر القانون الإنساني الدولي - قوانين الحرب - المطبقة في النزاعات المسلحة في ليبيا، حماية خاصة للمستشفيات والطواقم الطبية. إن احتلال المستشفى وسوء معاملة العاملين فى المجال الطبى من قبل قوات الحكومة هو انتهاك لواجب احترام وحماية المرافق الطبية والعاملين في جميع الظروف. وكان نشر الأسلحة العسكرية في المستشفى أيضا غير قانوني. إن منع العاملين في المجال الطبي، الذين هم من المدنيين، من مغادرة المستشفى انتهاك للحظر المفروض على تعريض المدنيين لخطر لا لزوم له، وربما يكون قد وصل إلى اتخاذ "دروع بشرية"، الذي يعتبر جريمة حرب. إن أفعالا محددة من الاعتداء على العاملين في المجال الطبي والمرضى، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والاعتداء الجسدي، هي انتهاكات لقوانين الحرب التي قد تصل إلى حد جرائم الحرب.
وقال جو ستورك: "ارتكبت قوات الحكومة قائمة طويلة من انتهاكات القانون الدولي باحتلالهم المسيئ لمستشفى يفرن، وتعريض الكثير من الأرواح لخطر لا لزوم له". وأضاف: "إن جميع أطراف النزاع في ليبيا بحاجة لحماية المستشفيات والعاملين في المجال الطبي والمرضى تحت جميع الظروف".
روايات الشهود من مستشفى
زارت هيومن رايتس ووتش المستشفى العام في يفرن من 19 إلى 24 يونيو/حزيران، وأجرت مقابلات مع أربعة أطباء وست ممرضات، ومريض كان حاضرا أثناء احتلال المستشفى من قبل القوات الحكومية. جميعهم، باستثناء واحد، طلبوا عدم اساتخدام أسماءهم لأنهم يخشون من عودة القوات الحكومية. وقابلت هويمن رايتس ووتش أيضا، على انفراد، جنديا حكوميا، الذي تم أسره، والذي شارك في احتلال المستشفى.
قال مريض في المستشفى، في الأربعين من عمره، وهو من نواحي بلدة الزنتان:
لا يمكن لأحد الخروج من المستشفى، وخاصة أنا، منذ أن حُبست داخل غرفتي لمدة سبعة أيام لأنني من الزنتان. هددوني، إن أنا ذهبت خارج غرفتي، بأن يُطلقوا النار علي. لقد جاءوا إلى غرفتي بالبنادق. وكانوا يطلقون النار على الأرض من الداخل، خارج نافذتي، من كلاشنيكوف [بندقية هجومية AK - 47]. لم يصيبوني في الواقع، لكنهم يهيونني، ويُهددونني، ويقولون إنهم سيقطعون أذناي أو أصابعي. فعلوا ذلك طوال الوقت. كنت خائفا أن يعود أحدهم ليلا ويطلق النار علي، لذلك كنت أغيرأحيانا السرير الذي أنام عليه.
قال طبيب أجنبي، والذي جلب عائلته إلى المستشفى من أجل السلامة بعد أن نهب الحرس المدني البلدة، لـ هيومن رايتس ووتش:
حينما جاء الحرس الشعبي الشابي ]إلى المدينة]، سرقوا ودمروا كل المنازل. كنا مرعوبين. لقد سرقوا تلفازي، والثلاجة، والغسالة، كل شيء. لم نتمكن من التحرك، أوالرحيل أو النوم. كانوا في المستشفى، وكنت خائفا من أن يكونوا عنيفين تجاه زوجاتنا وبناتنا.
وقال ممرض لـ هيومن رايتس ووتش، في 1 مايو/أيار، عادت قوات الحرس المدني إلى المستشفى واقتادوه بعيدا. وقال إنهم احتجزوه لمدة 24 يوما في أماكن عدة، بما في ذلك سجن أبو سليم في طرابلس، وتعرض للتعذيب أثناء التحقيق معه:
في 1 مايو/أيار جاء ثلاثة رجال من الحرس الشعبي، في تمويه خاص بالغابات، إلى المستشفى في سيارة حوالي الساعة 2:00 بعد الظهر. دخلوا المستشفى وطلبوا من القائد العسكري الإذن بأخذي خارج المستشفى للتحقيق. وقالوا إنهم سيعيدونني بعد ذلك. أخذوني إلى ]البلدة القريبة] المليب. في اليوم الثاني، بدأوا بضربي بقضبان حديدية وإعطائي صدمات كهربائية. في الليل، كان هناك نحو ستة اشخاص الذين جاؤوا وضربوني، ولكموني، وركلوني، وضربوني بعصا على رأسي.
في صباح اليوم الثالث، أخذوني رفقة 20 شخصا آخرين في الجزء الخلفي لشاحنة، ونقلونا إلى معسكر 77 [وهو على ما يبدو معسكر تدريب لقوات الأمن الحكومية] في طرابلس. قال السائق لواحد من رجال الحرس الشعبي إن لديه ممرضا، فركلني الرجل في خصيتاي. كنت في بدلة المُستشفى الموحدة الخضراء، فجاء واحد من رجال الحرس الشعبي نحوي، وبدأ بركلي على وجهي وعيناي. وتورمت عيني اليسرى لمدة سبعة أيام. كنت غير قادر على الرؤية خلال اليومين الأولين، ثم بدأن أتعافى. في الساعة 11 مساء من نفس اليوم، نقلونا إلى سجن أبو سليم [في طرابلس]. قالوا لي في نهاية المطاف إنهم احتجزوني لأنني تعاملت مع مقاتلي المتمردين في المستشفى.
وأوضحت ممرضة، والتي بقيت في المستشفى أثناء الاحتلال العسكري، جو ترهيب موظفي المستشفى من الإناث:
كان يوم الجمعة [في منتصف شهر مايو/أيار] حول الساعة 3:30. كنت نائمة مع صديقتي في غرفتي. طرق شخص على بابي. عندما قلت: "من هناك"، لم يُجب أحد. كنا نظن أنهم ربما الممرضات البنجلاديشيات، لكن إثنين من الرجال يرتدون الزي العسكري دخلوا الغرفة، وجلس أحدهم على سريري. كنا خائفتين من رجال الجيش هؤلاء، لأنهم فعلوا أحيانا أشياء سيئة. كانت الطريقة التي ينظرون إلينا بها في أنحاء المستشفى لم تكن جيدة. في بعض الأحيان يقولون شيئا لم نفهم، ولكننا كنا نعرف أنه ليس جيدا. [بعد ذلك] تحدثنا إلى مدير عما حدث، وقال إن قائد الجيش قال إنه آسف وأنه لن يحدث ذلك مرة أخرى. وقال إنه عاقب الرجال. لم نر هؤلاء الرجال بعد ذلك.-
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق