الأحد، يونيو 26، 2011

ليبيا : اهل طرابلس كسروا حاجز الخوف وبدأوا بالتكلم للصحفيين الأجانب

أمام أطلال فندق وينزرك بقلب طرابلس وقف ليبي يبوح للصحفيين بمكنون نفسه لبضع دقائق حتى بعدما أطبقت عليه عناصر من الحكومة مكلفة بمراقبة الأجانب. يقول الرجل الذي قدم نفسه باسم زروق ويعمل تاجرا: "الأمر طال والناس يتطلعون للاستقرار". وأضاف "في كلتي الحالتين التغيير قادم".
قصف الفندق أثناء الليل الأسبوع الماضي ولم يكن به احد في ذلك الوقت. ووصفت الحكومة الليبية ذلك بأنه مثال على تعمد حلف شمال الأطلسي استهداف المدنيين في حملته المستمرة منذ ثلاثة أشهر لإسقاط الزعيم الليبي معمر القذافي. وقال أحد أهالي المنطقة إن الفندق كان يتردد عليه مسؤولون من الحكومة. وبسؤاله عما اذ كان مستعدا للإجابة على مزيد من الأسئلة تحسس الرجل لحيته التي خطها الشيب منزعجا وطفق يفحص للحظات وجوها تحدق فيه بينهم مرافقون من الحكومة لمراسلين أجانب. وقال في هدوء حازم: "معذرة هناك عيون كثيرة هنا". وغادر المكان بعد وداع سريع.ورغم الخوف البادي تذوق الليبيون طعم الحرية بعد 41 عاما من حكم القذافي الاستبدادي، بل ويتنامي لديهم الاستعداد والرغبة في الحديث. وبعد مرور أربعة شهور على بدء التمرد صار هناك صنفان من طرابلس، كما صارت ليبيا اثنتين بدلا من ليبيا واحدة، إحداها في طرابلس ومحيطها وتقع تحت سيطرة القذافي والأخرى في الشرق الذي تسيطر عليه المعارضة المسلحة. في الصنف الأول هناك طرابلس التي يقول مسؤولون فيها من أمثال رئيس الوزراء البغدادي علي المحمودي إن "جميع الليبيين" يقفون وراء القذافي. ويضيف مسؤولون إن من يعارضونه اذا كان موجودين بالفعل فهم من متشددي القاعدة والمجرمين.في طرابلس تلك هناك حشود من الناس تراهم يلوحون بصور للقذافي، وهؤلاء يقدمون لوسائل الإعلام أثناء رحلات ترتبها السلطات في مناسبات قليلة يسمح فيها للصحفيين بالخروج من فندقهم. ولكن في طرابلس الأخرى هناك أشخاص مثل زروق وغيره قادرون على التعبير عن آرائهم علنا حتى في وجود مرافقين من الحكومة عن قرب واحتمال تعرضهم للانتقام. هؤلاء إما يقدمون أنفسهم بأسماء مستعارة أو من دون أسماء بالمرّة، لكن تظل لديهم الرغبة في الكلام.وقال رجل قدم نفسه باسم "توني" وهو اسم مستعار: "أظن أن غالبية الناس سعداء بحملة القصف التي يشنها حلف شمال الأطلسي (ناتو)". وكان يتحدث من موقع قصف في غارة جوية للحلف الأسبوع الماضي وقتل فيها عدد من المدنيين. وأومأ برأسه تجاه إطلال المبنى قائلا: "هم (الناس) لا يحبون ذلك لكنهم لا يحبون النظام أيضا". وكان مرافقون من الحكومة يقفون على مسافة قريبة من "توني" الذي قال إن ذلك "اسمه السحري" وكان يرتجف أثناء الحديث لدرجة انه أشعل سيجارته بصعوبة. وبعد دقائق قليلة اختفى هو الآخر بين الزحام.هذا ليس معناه أن جميع الليبيين يرفضون القذافي. فهناك أنصار للزعيم الليبي من خارج قوى الأمن. ويقول نشط معارض علماني يستخدم اسم نيز التقى مع صحفيين من "رويترز" هذا الأسبوع: "ساذج من يظن ان القذافي ليس له أنصار...إن له أنصارا وهذا واضح". لكن من ليسوا من أنصار القذافي "الأخ الزعيم" وجدوا مجالا ليعبروا عما يجيش في صدورهم ويقولون إنه بات من الصعب الآن التزام الصمت.وتقول ناشطة قدمت نفسها باسم أمل: "نريد ان نتكلم لأننا حرمنا من أن نقول أي شيء... الآن لا يمكننا التوقف عن الكلام". وأضافت: "شعب ليبيا كان مقهورا قرابة 42 عاما والآن ذاقوا طعم الحرية وقد تركوا لخيالهم العنان".تقول امل انها باتت تسمع موسيقى جديدة وتقرأ شعرا من نوع جديد منذ الانتفاضة التي أظهرت إبداعا ليبيا فطريا كان مكبوتا في ظل حكم القذافي. وقالت ناشطة أخرى استخدمت اسم فاطمة إنها قرأت عن الحرية والاستقلال وإنها عازمة الآن على تجربتها شخصيا. وأضافت "أدركنا اننا يمكن أن نضحي بأنفسنا من اجل حرية التعبير.. أنا على استعداد لان افعل أي شيء حتى أتمكن من الكلام وجعل الناس يسمعون رأيي الصريح علانية".حتى في ابو سليم - وهو حي في طرابلس كان ينظر إليه حتى وقت قريب على انه معقل للموالين للقذافي - اكتشف صحفيون من "رويترز" خلال زيارة من دون مرافقين حكوميين في الأيام الأخيرة إن تأييد القذافي لم يعد جماعيا كما كان. قال صاحب محل رفض الإفصاح عن اسمه "أنا على يقين من أن الناس العاديين لن يقاتلوا للدفاع عن النظام". وأضاف "لقد ضقنا ذرعا بالقذافي".لكن في طرابلس التي يقطنها مسؤولو الحكومة وأتباعها من الصعب ان تجد صاحب متجر كهذا. وسأل أحد المرافقين الحكوميين صحفيا في "رويترز" عما لاحظه في ابو سليم. وعندما قيل له إن هناك حالة من عدم الارتياح قال المرافق ملوحا بيده، مستنكرا ومتجهما، "هذا مستحيل... الكل في أبو سليم يحب القذافي".
(رويترز)-
-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق