رغم أن البعض أعرب عن تخوفه من تدخل الغرب على نطاق واسع في شئون ليبيا بعد سقوط نظام القذافي ، إلا أن المجلس الانتقالي كان له رأي آخر وبعث رسالة للجميع وخاصة الرئيس الأمريكي باراك أوباما مفادها أن تضحيات شهداء ثورة 17 فبراير من أجل الكرامة والحرية لن تذهب سدى .
ففي 28 أغسطس ، أعلن المجلس الانتقالي الليبي صراحة أنه لن يقوم بتسليم عبد الباسط المقر احي الذي سجن لسنوات على خلفية قضية لوكيربي وأفرج عنه في 2009 لأسباب إنسانية .
وقال محمد العلاقي وزير العدل في المجلس الانتقالي في هذا الصدد :" إن المقر احي حوكم بالفعل مرة ولن يحاكم ثانية وإن المجلس لن يسلم أي مواطن ليبي للغرب".
واللافت للانتباه أن القرار السابق جاء بعد أن كشفت صحيفة "ميل أون صنداي" البريطانية أن الولايات المتحدة طلبت من الثوار الليبيين تسليمها عبد الباسط المقراحي ليواجه ما أسمتها العدالة فوق أراضيها.
وأضافت الصحيفة أن مصادر بارزة في الكونجرس الأمريكي أبلغتها أن الرئيس باراك أوباما طلب من الثوار عبر وسطاء تسليم المقراحي بعد دخول قواتهم إلى طرابلس مقابل استمرار الدعم الأمريكي وفي إطار عملية تقوم بموجبها وحدات من القوات الخاصة الأمريكية بنقله إلى بلد عربي محايد ومن ثم إلى الولايات المتحدة لمحاكمته.
وكان المقراحي أمضى نحو 8 أعوام فقط من حكم بسجنه 27 عاما صدر ضده لإدانته بتهمة قتل 270 شخصا في حادث تفجير طائرة "بان أمريكان" فوق بلدة لوكيربي الاسكتلندية عام 1988 وعاد إلى ليبيا بعد أن أفرج عنه القضاء الاسكتلندي في 20 أغسطس/آب 2009 لأسباب إنسانية بناء على تقارير طبية أفادت بأنه لن يعيش أكثر من 3 أشهر لإصابته بحالة متقدمة من سرطان البروستاتا .
ورغم أن نظام القذافي نفى مسئوليته عن الحادث إلا أنه قام بدفع مبلغ 2.7 مليار دولار لعائلات ضحايا الحادث على سبيل التعويض بعد ضغوط وعقوبات غربية ، كما ترددت أنباء كثيرة حول توقيعه صفقة مع بريطانيا لإطلاق سراح المقراحي وهو الأمر الذي أغضب واشنطن حينها بشدة لأنه تم دون عملها وفوت عليها فرصة الحصول على مزيد من التعويضات من ليبيا.
ويبدو أن إثارة موضوع المقراحي مجددا وفي هذا التوقيت تحديدا ما هو سوى محاولة مفضوحة من قبل إدارة أوباما لابتزاز ليبيا الثورة للحصول على مزيد من التعويضات لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي المترنح أو الضغط على المجلس الانتقالي للسماح للشركات الأمريكية بمضاعفة استثماراتها في النفط الليبي .
ولعل ما يرجح صحة ما سبق أن واشنطن التزمت الصمت طيلة عامين تجاه الإفراج عن المقراحي ورغم أن إدارة أوباما قد تستند لتصريحات أحد مسئولي نظام القذافي مؤخرا حول مسئوليته عن حادث لوكيربي لتبرير فتح الموضوع مجددا إلا أن قبول إدارة سلفه بوش بالتعويضات يدحض مزاعمه في هذا الصدد ويؤكد أن الولايات المتحدة لا تسعى لمعرفة الحقيقة وتحقيق العدالة بقدر حرصها على السيطرة على النفط الليبي .
والخلاصة أن إدارة أوباما تحاول التغطية على إخفاقاتها الاقتصادية بابتزاز الثوار تارة وبسرقة انتصارهم تارة أخرى في إطار إستراتيجيتها الجديدة للتدخل المحدود في العالم العربي ونسب أي إنجاز لها وحدها ، إلا أنها تلقت صفعة قوية عندما رفض المجلس الانتقالي تسليمها المقراحي وأكد لها ضمنيا أنه لن يسمح بتكرار أخطاء القذافي وخاصة فيما يتعلق بموافقته على ابتزاز الغرب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق