الجمعة، نوفمبر 11، 2011

أين المفر ؟ جميع الطرق تقودنا إلى طهران !

الثلاثي القذر
إيران الفارسية تسعى إلى تصدير ثورتها الإسلامية لدول الجوار، كأسلوب حكم يكون لها فيه دور القيادة والريادة، وتستعين بالطائفة الشيعية الكريمة المنتشرة بنسب متفاوتة في العالم العربي والاسلامي، تكون لها عليهم مرجعية دينية وسياسية،  وهذا ما فعلته في العراق وتحاول التدخل في الخليج العربي عبر تأثيرها الديني.

وهي شكلت مع العراق وسوريا ولبنان، ما سماه الملك عبد الله بن الحسين ملك الأردن الهلال الشيعي الذي يؤرق كل من الخليج ومصر وتركيا وحتى شمال إفريقيا، وتنفق على تصدير ثورتها الكثير من الأموال التي اقتطعت من شعبها التواق إلى مزيد من النمو الاقتصادي يتناسب ودخولها وإمكاناتها الضخمة .إنها النزعة الفارسية التاريخية والمتأصلة في امتداد النفوذ إلى ما يتجاوز حدود إيران الحالية .
تركيا أيضاَ ومن خلال حزب العدالة والتنمية تحاول تسويق مبادئ حزبها إلى دول الجوار، وهي استضافت أغلب اجتماعات المعارضة السورية على أراضيها والملفت للنظر أن حزب الإخوان المسلمين السوري كان مشاركاً فيها جميعاً، هذا الحزب الذي غير الكثير من منطلقاته ومبادئه وحتى ثوابته ليصبح أقرب ما يكون إلى حزب عصري حداثي قادر على المنافسة والطرح .
وليس خافياً أن تركيا العدالة والتنمية قد اختارت ايضاً تصدير أيديولوجيتها الإسلامية التي جعلتها متوافقة مع مبادئ أتاتورك العلمانية للتأثير على الثورات العربية، في منافسة واضحة لإيران ولجم كباحها وانتشار حركة التشييع التي تقودها .

لكن ما فات كل من إيران وتركيا أن الثورات العربية ثورات حداثية تهدف إلى محاربة الإستبداد المتأتي من أي جهة كانت بما فيها استبداد رجال الدين، ولا أظن أن تركيا ستنجح كما إيران في سوريا لأن المعارضة السورية التي تحتفظ بنكهتها العلمانية ستقوض انتهازية حزب الإخوان المسلمين في سوريا .
صحيح أن الشعب السوري متدين بكافة فصائله، لكنه لا يميل إلى الإسلام السياسي، لأسباب تاريخية واجتماعية كثيرة .
وصحيح أيضاً أن حزب العدالة والتنمية قد نجح بواسطة الإنتخابات وكان له أياد بيضاء في النهضة الإقتصادية التي شهدتها تركياً مؤخراً وكذلك نجح في الحد من الفساد المستشري هناك، لكن ما يزال هناك بون واسع يفصل بين التجربتين العربية والتركية في العمل السياسي، فأخوان سوريا ومصر وفلسطين أكثر انتهازية وبكثير من أشقائهم الأتراك، وهم لم يصلوا بعد إلى زمن الرشد السياسي، وما زالوا يقاتلون للوصول للسلطة بشتى الطرق .

استطاعت تركيا إقناع الغرب بأن الحزب الحاكم يؤمن بالقيم العلمانية وأنه حزب بعيد كل البعد عن العمل المسلح ولا يؤمن بالجهاد لأجل فرض هيمنته على الآخر، وأن أيديولوجيته ستكون مرحلة ضرورية في انتقال المجتمعات العربية تجاه الديمقراطية باعتبار أن الإسلام مركب أساسي لهذه المجتمعات .
لكن المجتمعات العربية تواقة اليوم للتحرر من أي تسلط واستبداد مهما كانت الجهة الفارضة له .
فهي شعوب تتطلع للحياة الكريمة وللحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية وإلى دولة مدنية .
يخطئ الأتراك عندما يزجون بحزب الأخوان المسلمين ويراهنون عليه على أنه فرس السبق الذي يتيح لهم مرجعية وعلاقات أعمق مع العالم العربي، ويحاربون بالطريقة ذاتها الهيمنة الإيرانية في المنطقة،  فهذه قراءة منقوصة لشعوب تواقة للتحرر أسوة بشعوب أخرى خرجت من سلطة العسكر وديكتاتورية السلطة الدينية .
والثورة السورية وإن تطعمت بعبارات دينية كثيرة كالله أكبر و أن جموع ثوارها خرجوا في مجملهم من المساجد والجوامع، لكنها ثورة تضمنت جميع فصائل المجتمع، وفي مصر كانت عبارات الثورة أبعد ما تكون عن أي لون ديني أو مذهبي بل كانت وبذكاء منقطع النظير قومية وطنية ولجميع المصريين، وعندما نادت الثورة السورية باللا طائفية كما حملت لاءاتها المذهبية، كانت واضحة كل الوضوح أن الثورة مدنية لا دينية ولا عسكرية .
ويبدو أن الشعوب العربية باتت واعية للمستقبل التي ترسمه لشعوبها، وأن ثوراتها الوطنية تنأى بنفسها عن أي تدخل أجنبي وتحت أي ستار.
وإذا طالب الثوار السوريين بالجماية الأجنبية لهم، وبدخول مراقبين دوليين لحماية احتجاجاتهم ونزولهم للشارع وبوجود تغطية إعلامية محايدة عربية وأجنبية موضوعية فهذا لا يستتبع طلب التدخل العسكري الأجنبي وتلوين مستقبل سوريا بأي لون يفرضه الخارج .
لذلك فنحن نتفهم خشية الكثير من المعارضة في الشارع السوري وكذلك من معارضة الخارج من أي نوع من أنواع الهيمنة الخارجية . لكن مصير هذه المعارضة أن تتوحد حول أهداف جمعية أولها إسقاط النظام وفتح الباب على تجربة ديمقراطية تحدد رموزها صناديق الاقتراع.

حتى لو طبق حظر على الطيران السوري وأقيمت منطقة عازلة على الأراضي السورية ، فهذا  يعني أن التحرير وإسقاط النظام لن يكون إلا بأيادي الشعب السوري المشهور بقوميته ووطنيته والرافض لأي شكل من أشكال التدخل الأجنبي في شؤونه الداخلية، وهو ما يستفيد منه النظام السوري حين يتهم بعض فصائل المعارضة بتبعيتها لدول أجنبية مثيراً حساسية الشعب ومخاوفه . لكنه يفشل باستمرار لأنه فاقد لأي مصداقية أو شرف .
نحن نراهن على وعي الشعب السوري الذي يريد بناء تجربته الديمقراطية بنفسة، كل ما يطلبه هو حمايته من قمع النظام وحملات القتل والترهيب التي يشنها في كل دقيقة ولحظة على شعبه الأعزل .
إن هذا النظام الذي براهن على البطش وحده سيتفسخ قريباً، ففي الأحزاب الشمولية والقمعية تبقى السلطة متراصة إلى لحظة مفاجئة يستشعر فيها رجال السلطة أو بعضهم أنهم يراهنون على فرس خاسر، فيغادرون السفينة جماعياً تاركين ربانها يغرق .
الثورة السورية باتت على أعتاب النصر لأن طريق السلطة القمعية قد وصل إلى منتهاه .. إلى طريق مسدود، فالأوضاع الإقتصادية ما عادت تسمح له بالاستمرار في تمويل القمع، ثم أن حجم القمع يضيق عليه الدائرة الملتفة حوله حتى تضيق تدريجياً لتخنق مركزه وتعدمه .
وقريباً جداً ستبدأ التصفيات بين رموز السلطة ذاتها وبين رجال الأمن الضالعين في عمليات القتل وستتهاوى في ساعات، إنه التاريخ والطبيعة البشرية ..
فأين المفر ؟
يحيا شعبنا البطل
قادمون
لينا موللا
صوت من أصوات الثورة السورية
-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق