بعد تكليفي أنا وزميلي تشيو يونغ تشنغ بمهمة تغطية الأخبار في ليبيا، أصبح الحصول على تأشيرة دخول إلي ليبيا مستحيلا، فسافرنا في يوم 6 مارس الماضي من بكين إلى مصر محاولين السفر إلى ليبيا ....
من هناك بحجة "أننا صديقين لسيف الإسلام نجل القذافي". وبعد نشوب الحرب، لم يكن هناك مراسل صيني واحد في شرقي ليبيا، لذلك قررنا الدخول إلي بنغازي الواقعة شرقي ليبيا مباشرة في يوم 11 مارس الماضي.
وبعد عبورنا منفذ السلوم في يوم 11 مارس الماضي، قلنا للمعنيين أننا نريد السفر إلى بنغازي، قالوا: لا توجد مركبة. لكن الحظ جعلنا نستقل حافلة مهلهلة متوسطة الحجم، ووصلنا في النهاية إلي بنغازي فجر يوم 12 مارس الماضي بعد أن ظلت الحافلة تترنح بنا بضع عشرة ساعة وقد دفعنا 400 دولار أمريكي مقابل ذلك.
ويقع المقر العام للقوات المعارضة في بناية محكمة إدارية. ورغم أن الوقت كان فجرا، فإن المكان كان مزدحما بمتظاهرين ومتفرجين، أخيرا وجدنا مركز الإعلام الذي كان في الأصل مركز محكمة، وكتب شخص يدعى أنه مسئول إعلامي بيده اسمينا ووحدة عملنا والرقم الصحافي على ورقة، وأصبحت هذه الوريقة بطاقة صحفية .
وصادفنا في ليلة ذلك اليوم مراسلة من أصل صيني تعمل في صحيفة ((The Star)) الماليزية، ووجدنا فندقا بمساعدتها. وتوجد في بنغازي 3 فنادق، يقيم فيها أكثر من 1000 صحفي، وكنا الصحفيين الصينيين الوحيدين بينهم. وكانت المراسلة الماليزية تستعد للعودة إلى بلادها فقدمت مترجمها لنا. وكان المترجم موظفا من الدرجة المتوسطة في شركة الخليج العربي للبترول، ولعب دورا كبيرا في أعمالنا لتغطية الأخبار في الأيام الـ26 اللاحقة.
وسألنا أين الجبهة الأمامية للقوات الحكومية والقوات المعارضة؟ قال بعض الناس إنها في البريقة، فسافرنا إليها مع قافلة غير منتظمة مكونة من أنواع مختلفة من شاحنات صغيرة "بيك آب" وغيرها من أنواع السيارات.
في فترة تغطيتنا للأخبار في مدينة البريقة،
كانت المدينة قد تبادلت السيطرة عليها القوات الحكومية والقوات المعارضة 5 مرات وعاشت ذروة القتال بعد اندلاع حرب ليبيا.
وكانت الأخطار في كل مكان، في بنغاري التي تضم المعسكر العام للقوات المعارضة، وأصبح كل مكان حتى الفندق الذي كنا نقيم فيه ميدان حرب. والمسافة بين الفندق والمقر العام للقوات المعارضة يمكن قطعها خلال 10 دقائق سيرا على الاقدام، وكان أفراد القوات الخاصة الحكومية قد دخلوا المقر العام مرات لتخريبه، فاتخذ الطرفان الفندق مركزا لإطلاق النار. وحدث عدة مرات أننا كنا في اتصال هاتفي مع بكين، وبدأ إطلاق النار بين الطرفين، فسمع زملاؤنا في بكين صوت الرصاص من خلال الهاتف. وكان إطلاق النار يستمر عدة ساعات ونبقى في دورة المياه معظم أوقات الليل. وفي ليلة يوم 18 مارس الماضي، عشت أخطر ليلة، حيث شنت القوات الحكومية هجوما مكثفا، وكانت رصاصات طائشة تطير في السماء، وأصوات البنادق والمدافع لا تنقطع.
وكان الخطر يتربص بنا في كل مكان عندما كنا نغطي الأخبار، فكان أحدنا مسئولا عن تغطية الأخبار بينما كان الآخر مسئولا عن مراقبة الأحوال حولنا، وإذا اكتشفنا مشكلة، قفزنا على سيارتنا فورا، لأننا قد اتفقنا مع السائق ليفتح باب السيارة دائما تسهيلا للقفز عليها والهروب بها.
وحدث مرة أنني كنت في اتصال هاتفي، فهبط صاروخ من السماء فجأة، فتطاير حطام شاحنتين صغيرتين من نوع "بيك آب" كانتا تبعدان عنا 4-5 أمتار وأشلاء بضعة عشر شخصا كانوا عليهما في طرفة عين. وفي مرة أخرى، بعد 10- دقائق من تغطيتنا للأخبار، أصيب ضابط برصاص ومات.
وكنا نرى الموت كل يوم، ونشهد تشييع الموتى كل يوم، نعوش بسيطة ومراسم بسيطة، ثم الدفن. في طريقنا إلى تغطية الأخبار، شاهدنا ناسا كثيرين يحفرون في الصحراء، حيث كانت هناك عملية دفن لقتلى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق