هل تكون نهاية شهر يوليو عشية شهر رمضان المبارك آخر اوقات العقيد معمر القذافي في ليبيا وفي الحكم معا؟ هذا هو الانطباع السائد في الاوساط الدبلوماسية الغربية بعد انضمام روسيا الى المطالبين بمغادرته، فاقدا بذلك آخر دعم دولي للبقاء.
ويدرك القذافي ان موعد صدور مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بعد ثلاثة اسابيع هو آخر فرصة له لمغادرة ليبيا دون ان يعتبر مجرما دوليا مطلوبا القاء القبض عليه وعلى اولاده وانصاره المقربين، وبالتالي عليه ان يختار بين سلوك الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي غادر قبل وقت قصير من الوقت النهائي، ونجا برأسه وبين الرئيس المصري حسني مبارك الذي كابد طويلا للبقاء، وتمسك باستمراره داخل مصر وهو يواجه اليوم المحاكمة والاعتقال وربما حكم الاعدام غدا، وان كان سيمضي بقية حياته في السجن مع ولديه علاء وجمال وزوجته سوزان.
ضغط للخروج
ويعلن الحلف الاطلسي بطرحه ان تكثيف غاراته واستخدام طوافات متطورة لضرب كتائب القذافي يأتي في اطار الضغط على القذافي للخروج من البلاد بعد اجماع عربي ودولي على ذلك.
وإزاء هذا الحصار السياسي والعسكري الذي يعيشه النظام، حاول العقيد القذافي الخروج منه مجددا من خلال ما يسمى بالمبادرة الافريقية، محاولاً إعادة إحيائها، بعد موتها السريري منذ شهرين، وطرح فكرة وقف إطلاق النار مجدداً ليكرس نفسه طرفاً - على الأقل في المعادلة الليبية الداخلية ليواجه الإصرار الدولي على استبعاده، خصوصاً بعدما انضمت على روسيا والصين إلى الدول التي تحاور المجلس الانتقالي في بنغازي. ولكن هذه المحاولة القذافية فشلت بدورها بعد ان أعلن رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما إثر مغادرته طرابلس أن مهمته لم تلق أي نجاح بسبب إصرار الرئيس الليبي على موقفه وإغلاقه الباب في وجه مطالبته بالبرحيل عن البلاد.
والجدير بالذكر أن المعلومات تقاطعت على ان زوما حمل عرضاً دولياً للقذافي بالمغادرة قبل صدور مذكرة التوقيف بحقه، وان اختيار جنوب افريقيا لم يكن من باب المصادفة، لأنها الدولة الافريقية الوحيدة القادرة على حماية القذافي من التقلبات السياسية في حال استقباله، وبالتالي تستطيع مقايضة طلبات تسليمه، ولكن يبدو أن العقيد مازال يأمل بتبدل الأحوال المواقف.
مراوحة عسكرية
وكان الوضع العسكري شهد مراوحة واضحة تسمح للقذافي ببعض المناورة. لأن قوات المعارضة المنطلقة من مدينة مصراتة التي فكت حصارها لم تستطع التقدم نحو مدينة زليطن، التي يفترض ان تكون فاتحة معركة طرابلس، فيما لا تزال كتائب القذافي تراوح بدورها أمام مدينة الزنتان في الغرب بعد ان فشل النظام في الاستحواذ على كل مناطق الغرب، وفرض نفسه مفاوضا باسمها مقابل مناطق الشرق، حيث تقع مدينة بنغازي عاصمة المجلس الانتقالي الآن.
مناورة الحميدي
ومن مظاهر المناورة في معسكر السلطة ابراز الاعلام الرسمي للخويلدي الحميدي آخر المتبقين من مجلس قيادة الثورة الذي شارك القذافي الانقلاب على الملكية. ويوحي هذا «الابراز» ان القذافي وعائلته مستعدون للقبول بـ «حل وسط»، وهو تولية الحميدي السلطة، أو على الأقل ضمان تمثيل جماعة القذافي في أي حكومة حل مقبلة.
ولكن مصادر مقربة من المعارضة لم تقف عند هذا «العرض» الضمني، لأن الخويلدي لا يمثل أحدا، وليس ابن قبيلة وهو ابن مدينة صغيرة تدعى صرمان، وفي حال وصوله إلى السلطة سيظل معتمدا على جماعة القذافي القبلية والعسكرية على السواء. لذلك فهو مرفوض مسبقا، وليس إلا منارة جديدة في أوساط السلطة المتهاوية.
كما سارعت القيادة الليبية الجديدة الى رفض دعوات القذافي الجديدة والمتكررة للتفاوض، لأن لا موضوع للتفاوض معه. اما اذا أراد الرحيل عن ليبيا فما عليه سوى مفاوضة الامم المتحدة خصوصا ان موسكو التي دافعت عنه في البداية مستعدة ايضا لمناقشة رحيله، وان الحل السياسي الوحيد الذي يجري الحديث عنه هو رحيل القذافي وابنائه وقبل صدور مذكرة التوقيف الدولية لأنه بعدها يكون كل شيء تبدل ويصبح الليبيون والعالم امام خيارين لا ثالث لهما، إما القضاء على القذافي وحكمه او اعتقاله مع ابنه سيف الاسلام وصهره عبدالله السنوسي مسؤول الاجهزة الليبية.
أما بشأن ارسال مبعوث روسي جديد فإن محادثاته ستكون في الاطار السالف الذكر وحسب، خصوصا وان الانشقاقات المتزايدة حول القذافي، سواء بين كبار الضباط، وكبار المسؤولين توحي بان الجميع يريد ان ينقذ رأسه وسط اقتناع عام بأن عهد القذافي انتهى.
لعبة المفاوضات
وترى مصادر المعارضة ان جولة المفاوضات التي جرت في موسكو لم تكن إلا محاولة روسية أخيرة لانقاذ نظام القذافي، او على الاقل تأمين مقعد له في المفاوضات الاخيرة، في السلطة الجديدة تحت شعار الوحدة الوطنية.. ولا تستبعد المصادر ان يكون الحميدي هو واجهة جماعة القذافي في المفاوضات المقبلة، لأنه يثق به نتيجة علاقات المصاهرة بين الرجلين. ولكن التبدل الذي حصل في الموقف الروسي أوصل هذه المناورة إلى طريق مغلق أيضا.
إبراء ذمة
وتعتبر أوساط المعارضة ان المفاوضات الاخيرة التي قادتها الامم المتحدة من خلال ارسال المبعوث الدولي عبدالاله الخطيب للمرة الثانية الى طرابلس، لبحث تطبيق القرارين 1970 و1973 ليس إلا من باب «ابراء الذمة» عشية تطورات حاسمة على الصعيدين السياسي والعسكري ستشهده ليبيا قريبا، ولاحظت هذه الاوساط غياب اي تواصل عربي مع نظام القذافي، حيث اقتصرت البرقيات الموجهة إليه من زعماء افارقة كلها تعزي بوفاة ابنه وأحفاده، وذلك تحت عنوان انساني وليس سياسيا.
وهذا يؤكد احكام العزلة الدولية على النظام، وهي عزلة ستزداد احكاما خلال وقت قصير، وفق كل التوقعات، لأن مطلب حسم الوضع الليبي اصبح ملحا لأكثر من ضروري لضغط في هذا الاتجاه، خصوصا ان لا مصلحة للحلف الاطلسي ان يظهر فاشلا او راعيا لتقسيم ليبيا، هذا عدا عن ان اوروبا تريد ان تنجح في اول تجربة جماعية لها منذ حرب البوسنة، خاصة انها تحظى بدعم اميركي قل نظيره، خصوصا ان ادارة اوباما لا تريد ان تتورط في اي حرب جديدة، ولم تختتم حربي العراق وافغانستان حتى الآن.
حتى رمضان
ومع ذلك فإن هناك من يؤكد ان القذافي سيسقط قبل شهر رمضان المبارك الذي يصادف مطلع الشهر القادم، وأن الأسابيع الثلاثة المقبلة هي مرحلة حاسمة في تحرير ليبيا من النظام الذي تحكم به أربعة عقود متتالية.
يارب نخلصوا من حكمه بايادى ثوارنا ورجالنا البواسل
ردحذفالنصر يارب بجاه الشهور المباركه انصرنا يارب