جادو( ليبيا) (رويترز) - في فصل مزدحم بالاطفال في أمسية اعتدل جوها بالقرب من خط المواجهة في الحرب الاهلية الليبية تتولى ميرا دوغا التي تبلغ من العمر 15 عاما تدريس اللغة الامازيغية.
كان تطوع ميرا لتعليم الاطفال حروف وكلمات اللغة الامازيغية يمكن أن يؤدي بها الى أحد سجون حكومة الزعيم الليبي معمر القذافي.
كان الامازيغ يتعرضون للاضطهاد من حكومة طرابلس التي تعتبر لغتهم وثقافتهم من أشكال الاستعمار. لكنهم أصبحوا من أقوى المساندين للمعارضة التي تسعى للاطاحة بالقذافي وبات معقلهم في الجبل الغربي جنوب غربي طرابلس من جبهات القتال الرئيسية بين قوات المعارضة المسلحة وقوات الزعيم الليبي.
وتساهم جمعية ازرفان لحقوق المرأة الليبية الامازيغية بأنشطتها المختلفة في احياء الثقافة واللغة الامازيعية.
الجمعية مقرها بلدة جادو في الجبل الغربي الذي يطلق عليه السكان المحليون اسم جبل نفوسة ومن أنشطتها تعليم الاطفال اللغة الامازيغية ومساعدة النساء على المساهمة ببعض الجهد في الانتفاضة الشعبية.
وقالت ميرا دوغا "من كثرة ضياع الامازيغية والقذافي لم يدعنا نتحدث بها. تقريبا الكلام بها يمنعنا منه الا في أحيائنا.. في بيوتنا نتكلم بها. أما في المؤسسات العامة استحالة نتكلم بالامازيغية. فنحن نحاول.. حتى الكلمات التي انقرضت من قلة الاستعمال.. نحاول توصيلها للصغار.. نحاول أنهم يدرسوها.. لانها هويتهم.. لانهم كانوا سيصيروا من غير هوية تقريبا. والامازيغية حضارة.. الامازيغية هوية وحضارة وثقافة."
والامازيغ هم سكان شمال أفريقيا الاصليون قبل وصول العرب الى المنطقة مع الفتح الاسلامي في القرن السابع الميلادي. وما زالت لغتهم يتحدثها سكان الصحراء الكبرى والمناطق الجبلية في الجزائر والمغرب وتونس وليبيا. ويقول ناشطون ان معظم العرب في شمال أفريقيا هم في حقيقة الامر أحفاد الامازيغ الذين سكنوا المنطقة قبل وصول الاسلام اليها.
وكان عدد سكان بلدة جادو التي تسيطر عليها المعارضة الليبية لا يزيد على 20 ألف نسمة لكن العدد زاد حاليا مع توافد النازحين من مناطق أخرى تقع في مرمى مدفعية قوات القذافي. وباتت البلدة حاليا مركزا لبعث الحياة في الثقافة واللغة الامازيغية.
وقال عطية الاوجلي وزير الثقافة في حكومة المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل المعارضة في ليبيا "بالقطع اختلافا عن عهد القذافي نحن نعتبر التنوع نوعا من القوة ومن الثراء الثقافي في ليبيا. أعتقد أن الامازيغ يستطيعون الان أن يتمتعوا بتراثهم.. بثقافتهم وأن يعبروا عن أنفسهم بدون خوف وأن يؤدوا دورا حيويا في الحياة الثقافية في ليبيا."
ووضعت متاجر البلدة على أبوابها لافتات باللغة الامازيغية وبثت محطة اذاعية ارسالها باللغتين العربية والامازيغية على مدى بضعة أسابيع. وأصدرت دار أمازيغية للنشر أربعة كتب خلال الشهر الماضي.
ويقول ناشطون ان بث الاذاعة والكتب التي أصدرتها دار النشر كانا أول استخدام للغة الامازيغية على نطاق عام منذ بداية حكم القذافي قبل أربعة عقود.
وتعقد فصول اللغة الامازيغية بجمعية ازرفان ستة أيام في الاسبوع بين الخامسة والنصف والسابعة والنصف مساء. وتعلم المدرسون في هذه الفصول اللغة سرا في منازل أسرهم.
وقالت نادية الحارس رئيسة جمعية ازرفان لحقوق المرأة الليبية الامازيغية تقول بالعربية " الجمعية لها نشاطات مؤقتة ونشاطات دائمة. النشاطات المؤقتة أنها تساند ثورة 17 فبراير (شباط) حتى تنجح تماما. من ضمن هذه النشاطات فيه برامج للاطفال. تعليم لغة أمازيغية.. تعليم لغة انجليزية.. نشاطات أشغال يدوية.. نشاطات ترفيهية. فيه مكتبه مؤسسة للاطفال فيها قصص للاطفال. هذا فيما يخص الاطفال. فيه نشاطات ثانية خاصة بربات البيوت. نحن نعطي فرصة لربات البيوت أنهن يشاركن ويساندن ثورة 17 فبراير (شباط). أهم هذه النشاطات هو المتاح حاليا لربات البيوت اللي بيعدوا وجبات للثوار برعاية جمعية ازرفان."
وما زال نظام القذافي يستخدم العداء للامازيغ في دعايته ويحذر العرب سكان البلدات المجاورة من أن الامازيغ سينزلون من التلال ليهاجموهم. لكن العرب والامازيغ يقولون انهم متحدون في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
وتقاتل وحدات من المتطوعين من سكان بلدات أمازيغية مثل يفرن وجادو في صفوف المعارضة المسلحة جنبا الى جنب مع العرب من سكان بلدات مثل الزنتان.
وقال ناشط أمازيغي يدعى فتحي الانفوسي فر من طرابلس الى جادو في الاونة الاخيرة ان القذافي قال في مطلع حكمه ان كل من يتعلم اللغة الامازيغية يرضع من ثدي أمه لبنا مسموما. واتهم الزعيم الليبي الناشطين الامازيغ بأنهم عملاء مأجورن لوكالات المخابرات الغربية وبأنهم يسعون الى تقسيم البلاد. وتعرض العديد من الناشطين الامازيغيين للاعتقال.
وكان حتى تسمية المولود باسم أمازيغي ممنوعا.
ويقول الانفوسي انه كان يريد أن يسمي ابنته تالا أي النبع لكنه أجبر على تسجيلها باسم هالة.
-
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق